والرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما دخل على عائشة طلب طعاما ليأكله، فلما لم يجد شيئًا قال: إني صائم، فإذا كان نوى الصوم من الليل، وكان الصوم لا يجزئ بنية إلاّ من الليل، فعلى قول ابن حزم يعتبر صيام الرسول -صلى الله عليه وسلم- باطلا. ولما لم يكن باطلا حتما، فيلزمه أحد أمرين: الأوّل: القول بأنّ من عزم على قطع نية الصوم أو تركه لا يبطل صومه بذلك. والثاني: أن يجيز الصوم بنية من النَّهار.
ثانيا: ورد في رواية البيهقي "إذن أصوم"، كما ورد عن الصحابة الذين روى ابن حزم أقوالهم ما يدلّ على أنهم كانوا يحدثون النية من النّهار، فعائشة تقول:"إني لأصبح يوم طهري، وأنا أريد الصوم، فأستبين طهري فيما بيني وبين نصف النهار، فأغتسل، وأصوم".
وروي عن عبيد الله بن عمر"أن أبا هريرة كان يصبح مفطرا، فيقول: هل من طعام؟ فيجده أو لا يجده، فيتم ذلك اليوم".
"وسأل رجل علي بن أبي طالب، فقال: أصبحت ولا أريد الصوم؟ فقال له علي: أنت بالخيار بينك وبين نصف النهار، فليس لك أن تفطر".
وكذلك قال أكثر من صحابي (١).
والصحابة أعلم بالتنزيل وبمراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- منّا، خاصّة ورواية البيهقي تكاد تكون صريحة في أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحدث النية من النهار.
[المدى الذي يصح أن يحدث فيه النية من النهار]
ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنَّ المتنفل يجوز له أن يحدث الصوم بنيّة من النهار، إلا أنهم حدوا منتصف النهار كحدّ أقصى، فلا يجوز عندهم أن ينوي