للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د- ولا تجوز النيابة عن شخص كان متعمدا لترك العبادة، يقول ابن القيم: "من ترك الحجّ عمدا حتى مات، أو ترك الزكاة فلم يخرجها حتى مات- فإن مقتضى الدليل وقواعد الشرع أن فعلهما عنه بعد الموت لا يبرىء ذمته، ولا يقبل منه، والحق أحق أن يتبع" (١).

وقال في موضع آخر: "ولا يحجّ عن أحدٍ إلاّ إذا كان معذورا بالتأخير كما يطعم الوليّ عمن أفطر في رمضان لعذر".

"فأما المفرِّط في غير عذر أصلا فلا ينفعه أداء غيره عنه لفرائض الله تعالى التي فرّط فيها، وكان هو المأمور بها ابتلاء وامتحانا دون الولي" (٢).

وبهذا يتحرر محلّ النزاع، فالنزاع بين العلماء في النيابة في العبادات في عبادتين.

الأولى: في الصوم عن الميت الذي عليه صوم نذر، أو صوم من رمضان، كان يمكنه قضاؤه، ثم توفّى في أن يقضيه.

الثانية: في الحجّ في حالتين: في ميّت لم يحجّ ولم يكن متعمدا للترك، ولكنَّه كان يسوّف ويؤجّل فوافاه الأجل. وفي حيّ غير قادر على الحج بنفسه، ولكنّه قادر بغيره، بأن ينفق على من يحجّ عنه من ماله، أو يجد من يطيعه من ولد أو قريب إذا أمره بالحجّ عنه.

[الرأي الراجح]

وما ذهب إليه الجمهور من جواز النيابة في الحجّ في الحالتين المذكورتين هو الرأي الراجح الذي تشهد له الأدلّة كما بينا، ونرى أنّه تجوز النيابة فيه من الولد ومن غير الولد خلافا لمن قيَّده بذلك.


(١) تهذيب السنن (٣/ ٢٨٢).
(٢) إعلام الموقعين (٤/ ٤٨٢).

<<  <   >  >>