وإما حصول الوضوء والنظافة، وهذا أيضا لا يتوقف حصوله على النية.
وإما إزالة الحدث المتعلق بالأعضاء، وهذا أيضا لا ينبغي أن يتوقف على النية، لأنّ الخبث أقوى من الحدث، ولا يتوقف زواله على النيّة، بل بمجرد غسله، فكيف تزيل الأقوى بدون نيّة، ولا تزيل الأضعف! (١)
[٣ - الوضوء يتحقق المقصود منه بنفس وقوعه]
قسّمت الشريعة أعمال المكلفين إلى قسمين:
قسم يحصل مقصوده والمراد منه بنفس وقوعه، فلا يعتبر في صحته نيَّة كأداء الديون، وردّ الأمانات والنفقات وإزالة النجاسات، وغير ذلك من مصالح هذه الأفعال التي تحصل بوجودها، ولا يتوقف ذلك على النية.
والقسم الثاني: ما لا يحصل مراده ومقصوده منه بمجرده، بل لا يكفي فيه مجرد الصورة العارية عن النية، كالصلاة والصوم والحج ... الخ.
وقد عدّ الأحناف الوضوء من القسم الأول، لأن المراد من الوضوء والغسل الوضاءة والنظافة وقيام العبد بين يدي الربّ -تبارك وتعالى- على أكمل أحواله مستور العورة، متجنبا للنجاسة، نظيف الأعضاء، وضيئها، وهذا حاصل بالإتيان بهذه الأفعال نواها أو لم ينوها.
[٤ - الوضوء وسيلة لغيره، والوسائل لا تلزمها النية]
يرى الأحناف أنّ الوضوء مراد لغيره، والمراد لغيره لا يجب أن ينوى، لأنه وسيلة لغيره، والنيّة إنّما تعتبر في المراد لنفسه، إذ هو المقصود المراد، ولهذا لا يلزم الذاهب إلى الحج، أو الساعي إلى الجمعة أن ينوي قطع المسافة، ولا يلزم من عليه عتق في كفّارة نيّة شراء العبد.