يقول الزبير هذا: حدثني محمد بن الحسن، عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن، عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبيه قال: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وعك فيها أصحابه، وتقدم رجل فتزوج امرأة كانت مهاجرة، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر، فقال: يا أيها الناس: إنما الأعمال بالنية ثلاثا، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته في دنيا يطلبها إو امرأة يخطبها فهجرته إلى ما هاجر إليه"، ثم رفع يديه فقال: "اللهم انقل عنا الوباء"، فلما أصبح قال: "أتيت هذه الليلة بالحمى، فإذا بعجوز سوداء مليئة في يدي الذي جاء بها، فقال: هذه الحمى، فما ترى فيها؟ فقلت: اجعلوها يجم" (١).
ويبقى النظر في صحة الرواية، فإن علماء الحديث مجمعون على أن حديث "إنما الأعمال بالنيّات" لم تصح روايته عن أحد من الصحابة إلاّ عن عمر بن الخطاب.
[إشكال يرد على الحديث باعتبار سببه]
في الحديث ذمٌّ لمن أراد بهجرته الدنيا، أو الرغبة في الزواج ولكن يقال: كيف تزوج أبو طلحة من أم سليم، وقد اشترطت عليه الإِسلام، فإن أسلم رضيت بإسلامه مهرا، يقول العيني: "فإن قيل ذكر أبو عمر في الاستيعاب في ترجمة أمّ سليم أن أبا طلحة الأنصاري خطبها مشركا، فلما علم أنّه لا سبيل له إليها إلاّ بالإسلام أسلم، وتزوجها وحسن إسلامه، وهكذا روى النسائي من حديث أنس -رضي الله عنه- فقال:"تزوج أبو طلحة، فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت نكحتك، فأسلم، فكان الإسلام صداق ما بينهما"، وقد بوَّب عليه النسائي: التزويج على الإسلام، وروى النسائي أيضا من حديثه قال: "خطب أبو
(١) منتهى الآمال ٥/ب وقد أورد صاحب كنز العمال هذه الرواية بالإسناد نفسه ٣/ ٤٥٥.