للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفة النيّة في العبادات الواجبة

صفة النيّة في الزكاة والحج والعمرة

إذا أراد العبد أن يأتي بعبادة من العبادات الواجبة فلا بد له أن ينوي فعل العبادة لتمتاز عن سائر الأفعال.

ثم من العبادات ما يكفي فيه نيّة الفعل فحسب كالزكاة، لأن اسم الزكاة لا يطلق إلا على العبادة المفروضة، وما يتطوع به يسمى صدقة، وهذا هو المعتمد في مذهب الأحناف والمالكية والشافعية والحنابلة، وخالف بعض الشافعية والحنابلة فأوجبوا التعرض لنية الفرضية، إلاّ أنَّ محققي المذهبين ردوا هذا القول ولم يرضوه. أما إذا نوى الصدقة فلا تجزىء عن الزكاة ما لم ينو الصدقة المفروضة، لأن الصدقة تكون واجبة أو تطوعا، فيحتاج إلى نيّة الفرضية كي يميزها عن التطوع (١).

ومثل الزكاة الحجّ والعمرة، فقد أجمع الأئمة الأربعة رضوان الله عليهم على أن من نوى بإحرامه نيّة مطلقة في حج الفريضة لا يعين حجة الفريضة، ولا الإفراد أو القران أو التمتع فإن إحرامه صحيح، واستدلوا على جواز الحج بنية مطلقة بأنّه صح بنيّة مبهمة، كما في حديث أبي موسى الأشعري قال: قدمت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو منيخ بالبطحاء، فقال لي: "بم أهللت"؟ قلت: لبيت بإهلال كإهلال رسول الله. قال: "أحسنت"، فأمرني فطفت بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم قال: (حُلّ) (٢).


(١) الإنصاف (٣/ ١٩٤)، الوجيز لابن الرفعة نقلا عن نهاية الأحكام (ص ٣٨)، المجموع (٦/ ١٨٦)، وقد حكى الشافعي اشتراط الفرضية في الزكاة (الأم ٢/ ١٨)، ومختصر المزني (١/ ٢١٥).
(٢) عزاه الحافظ ابن حجر في (تلخيص الحبير ٢/ ٢٣٥)، إلى البخاري ومسلم من حديث أنس، وفى رواية عند البخاري من حديث جابر.

<<  <   >  >>