للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيها: الذين يدخلون خلف إمام تبين له بعد التكبير أنه غير متطهر، فيشير للنّاس أن يمكثوا، ثم يمضي فيتطهر، ويأتي، فيبتدىء التكبير للإحرام، وهم باقون على ما كبّروا، كما فعل رسول الله -صلى الله عليه ومسلم- بأصحابه.

ثالثها: أن يحدث الإمام في صلاته بعد أن كبر وكبر الناس، فيستخلف الإمام رجلا قد دخل لتوه، فيصير إماما مكانه، ويكون المأمومون قد كبَّروا قبله.

رابعها: ما سيأتي بيانه: وهو من دخل في الصلاة في مسجد، ثم أقيمت جماعة، فإنه يلتحق بها بانيا على ما مضى من صلاته مع كونه قد سبق إمامه (١).

[المأموم يصبح منفردا]

يدلّ على صحة هذا ما ثبت عن أنس بن مالك أنَّ معاذ بن جبل (٢) صلى بأهل قباء، فأطال الصلاة طولا شقَّ على بعض المأمومين، وكانوا أصحاب حرث وزرع، تجوَّز رجل في صلاته، وأكمل لنفسه، وعندما علم الرسول -صلى الله عليه ومسلم- بذلك لام معاذا على تطويله، ولم ينقل أنه أمر الرجل بإعادة الصلاة (٣).

والاستدلال بهذا الحديث لا يتم إلاّ على القول بأنه فارق إمامه وبنى على صلاته، أمّا على الرواية التي في الصحيحين وفيها أنَّه قطع الصلاة مع معاذ، ثم استأنف الصلاة، فلا يصلح هذا الحديث للاستدلال، وقد قيل بأن رواية قطع الصلاة واستئناف صلاة جديدة رواية شاذة، بحجة أن ما ورد في هذه الرواية لم يرد في الروايات الأخرى، والصواب أن هذا ليس حدّ الشاذ، فالشاذ يكون بأن يروي الراوي الثقة شيئًا يخالف فيه من هو أوثق منه؛ وهذا تعريف الشافعي للشاذ، وعلى


(١) المحلى (٤/ ٦٣، ٦٤).
(٢) هو معاذ بن جبل بن عمرو الأنصاري الخزرجي، أعلم الصحابة بالحلال والحرام، وأحد الستة الذين جمعوا القرآن في عهد النبي -صلى الله عليه ومسلم - بعثه الرسول -صلى الله عليه ومسلم - إلى اليمن قاضيا، توفي بالأردن سنة (١٨ هـ).
راجع: (خلاصة تذهيب الكمال ٣/ ٣٥)، (الكاشف ٣/ ١٥٣).
(٣) الحديث في صحيحي البخاري ومسلم ومسند أحمد (نيل الأوطار)، (٣/ ١٥٣)، المجموع (٤/ ١٤٦).

<<  <   >  >>