للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على النية، بل لا تتوقف على فعل من العبد، فلو نزل الماء على الأرض النجسة، أو على الثوب، أو لو طيرت الريح الثوب، وألقت به في البحر أو النهر، فإنه يطهر بذلك.

وابن حزم وإن كان يرى أن النجاسة لا تفتقر في زوالها إلى النية، محتجا بالإجماع، إلاّ أنّه يوجب النية في تطهير النجاسة التي أمر الله بها على صفة معينة وبعدد محدود، فهذه لا تزول -عنده- إلاّ بالنية، وعلى تلك الصفة التي أمر الله بها، كنجاسة الكلب، فقد أمرنا بغسلها سبعا إحداها بالتراب، واحتجَّ لذلك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" (١)، وما احتج به لا دليل فيه على وجوب النية لإزالة هذا النوع من النجاسة.

[الأحداث التي تنقض الطهارة]

الأحداث التي تنقض الطهارة تنقض بنفسها سواء قصدها أم لم يقصدها، حتى لو كانت بنسيان.

ولم يخالف في هذا أحد من العلماء غير مالك في اللمس (٢)، فهو يرى أنَّ اللامس لا ينتقض وضوؤه ما لم يكن قاصدا اللمس، وخالفه بقية العلماء الذين يرون أن اللمس ناقض للوضوء، فقالوا: هو ناقض بصورته.

يقول ابن العربي رادّا على إمام مذهبه: "والذي يدّعي انضمام القصد إلى اللمس في اعتبار الحكم هو الذي يلزمه الدليل، فإن الله تعالى أنزل اللمس المفضي إلى خروج المذي بمنزلة التقاء الختانين المفضي إلى خروج المني" (٣).


(١) إحكام الأحكام (٢/ ٧٠٨)، المحلى (١/ ٧٤).
(٢) أحكام القرآن (١/ ٤٤٤).
(٣) المصدر السابق.

<<  <   >  >>