للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وارتضاه، قال: "والأقرب -كما قال بعض المحققين، وقال: إنه التحقيق- أنَّه لا حاجة لتقدير في الخبر، وليس فيه دلالة اقتضاء، بل اللفظ باق على مدلوله من انتفاء الأعمال بانتفاء النية، لكن شرعا، إذ الكلام فيه، والتقدير إنما وجودها كائن بالنية فإذا انتفت انتفى العمل ونفي الحقيقة إنما ينتفي بانتفاء شرطها أو ركنها، فيفيد مذهبنا وجوبها في كلّ عمل إلا ما قام الدليل على خروجه، والعام المخصوص حجة" (١).

وهذا الذي قاله صاحب دليل الفالحين في غاية الجودة والتحقيق. وليس هذا هو الحديث الوحيد الذي ورد في هذا الموضوع، بل وردت عشرات الأحاديث مما يدل على اعتناء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتقرير هذا الأصل وإيضاحه. (٢)

[ثالثا: القصد إلى الفعل أمر ضروري]

ومما يدل على اعتبار القصود في العبادات والتصرفات أن الأفعال الاختيارية لا تصدر من الإنسان إلا بقصد وإرادة، وقد أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن "أصدق الأسماء حارث وهمام"، (٣) لأنهما يصدقان على كل إنسان حي، فكل إنسان حارث أي كاسب عامل، وكل إنسان همام، أي دائم الهم والإرادة لما يفعله. (٤)


(١) دليل الفالحين (١/ ٤٩).
(٢) سيأتي في تضاعيف هذا البحث ذكر كثير من هذه الأحاديث.
(٣) الحديث رواه أبو داود في سننه: كتاب الأدب، باب تغيير الأسماء (٤/ ٣٩٤)، عن أبي وهب الجشمي، وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمّام، وأقبحها حرب ومرّة" وانظر معالم السنن (٧/ ٢٥١) وأخرجه النسائي في كتاب الحيل (٦/ ٢١٨) بالإسناد الذي رواه به أبو داود دون قوله: "وأصدقها حارث وهمام ... الخ"، وقد ضعفه الألباني في تخريجه لمشكاة المصابيح (انظر المشكاة (٢/ ٥٧٠).
(٤) انظر تهذيب السنن (٧/ ٢٥١).

<<  <   >  >>