للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا في المسجد، ونظيره الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (١)، فنفي الشيء كالصلاة والصوم لعدم وجود شيء يدل على وجوبه لا استحبابه.

ثانيا: احتج الموجبون للنيّة في الليل على أبي حنيفة وأصحابه بالقياس، فقاسوا صوم رمضان على القضاء والكفارة، بجامع الفرضية والوجوب في كل. وفرق الأحناف بين صوم الكفارة والقضاء وصوم رمضان بأن الوقت في رمضان متعين لصومه، أما في القضاء والكفارة فالوقت غير متعين لهما شرعا، لأنَّ خارج رمضان متعين للنفل، فلا يكون لغيره إلاّ بتعيينه، فإذا لم ينو من الليل صوما آخر بقي الوقت متعينا للتطوع فلا يملك تغييره (٢).

فمناط التفرقة عندهم بين صوم القضاء والكفارة وصوم رمضان هو أن الوقت غير متعين للأولين، ولكنه متعين لصوم رمضان. وجوابنا أن وقت الصلاة قد يتضيق على المصلّي بألاّ يبقى إلاّ ما يكفي لصلاة الفرض، فهل تصحُّ صلاته فرضا إذا نوى أن يصليها نفلا.

الأحناف هنا لا يخالفون غيرهم في أن الصلاة لا تصحُّ فرضا، على الرغم من أن الوقت لا يتسع لغير الفريضة، ولا فرق بين هذه الحالة وصوم رمضان.

النيّة لكلّ يوم

مذهب مالك وإسحق ورواية عن أحمد أنه يجزىء الصائم نيّة واحدة لجميع الشهر في أوله (٣).

واستدلوا على ذلك بأدلة منها:


(١) قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: (رواه أحمد والبخاري في جزء القراءة، وصححه أبو داود والترمذي والدارقطني وابن حبان والحاكم)، ولفظه عندهم: (فإنه لا صلاة لمن لم يقرأها) (تلخيص الحبير ١/ ٢٣١).
(٢) بدائع الصنائع (٢/ ٨٦).
(٣) المغني لابن قدامة (٣/ ٩٧)، العيني على البخاري (١/ ٣٣)، الإفصاح (١/ ١٥٧).

<<  <   >  >>