للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشرط الثاني

الجزم والتنجيز وعدم التردد والتعليق

لا تكون الإرادة المتجهة إلى الفعل لإحرازه أو تحقيقه نيّة ما لم تكن جازمة لا تردد فيها.

فإن كان المقاصد مترددا في الفعل، أو علّق الفعل أو الاستمرار فيه على حصول أمر ما، فإنَّ الإرادة هنا لم تصل إلى درجة أن تكون نية.

وهذا الشرط نصّ عليه كثير من العلماء من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم (١).

ولا يتحقق القصد الجازم ما لم يكن الشيء المراد فعله معلوما، أو مظنونا ظنًّا راجحا (٢)، إذ لا يتصور أن يتجه القصد إلى الشيء بلا تردد ممن يجهله، إذ كيف يقصد الصيام من لا يعلم وجوبه عليه أو دخول شهره، فلا بد أن يكون الشيء معلوما، فإن كان مجهولا، أو مشكوكا فيه، كمن شك في دخول رمضان، أو وقت الصلاة، فإنَّ الجزم لا يتأتى منه.

نعم، الظنُّ الراجح يعمل به شرعا، ويقوم في العمليات مقام اليقين (٣)، فإن عمل على أساسه صح.


(١) المغني لابن قدامة (٣/ ٩٣، ٤٦٦)، الحطاب على خليل (١/ ١٧٣، ٢٣٣، ٢٣٨).
الذخيرة (١/ ٢٤١)، إرشاد الساري (١/ ٥٤).
(٢) قواعد العز (١/ ٢١٨)، الحطاب على خليل (١/ ٢٣٣).
(٣) قد يفهم من هذا أننا نرى أن أحاديث الآحاد الصحيحة لا يعمل بها في العقائد، وهذا ليس بصواب، فإن هذا مذهب خطر ردَّ القائلون به مئات من الأحاديث الصحيحة، ومع الأسف فقد شاع هذا المذهب في عصرنا، وانتشر، حتى ظن بعض طلبة العلم أن هذا القول هو مذهب السلف، وقد بينت خطأ هذا القول، وخطأ من نسبه إلى السلف الصالح في رسالة بعنوان "أصل الاعتقاد".

<<  <   >  >>