لو أراد أحدنا أن يحصي ما يستطيع تحقيقه من الإِرادات التي تثور في قلبه، لوجد أن الذي يتحقق منها نسبة ضئيلة بجانب ما لا يستطيع تحقيقه.
ولا نريد بالنيّات التي تدخل في الِإحصاء تلك الخواطر العابرة، وأحاديث النفس المارة، بل نريد تلك النيّات التي بلغت مرتبة العزم والتصميم.
والسبب في قلة الإِرادة التي نستطيع تحقيقها: أنَّ الأعمال التي نروم تحقيقها لا تتوقف على مجرد إرادتنا لها، فهناك حوائل ذاتية وخارجية تمنعنا من تحقيق ما نعزم على فعله، فالأجساد قد تضعف عن تحقيق المراد بسبب عظم المراد كما قال الشاعر:
وإذا كانت النفوس كبارا ... تعبت في مرادها الأجسام
وقد يمنع المرء من تحقيق مراده مرض مسهد، أو هرم مقعد، أو فقر مجهد، أو عدو قاطع للطريق، أو ظالم يحبسه في داره.
هذه الموانع والحوائل الذاتية والخارجية التي تمنعنا من كثير من الأفعال الخيّرة التي تقربنا إلى ربنا وترفع منزلتنا عنده، لا تمنع النية من التحقق والوجود، إذ النيّة طليقة من القيود التي تكبل الأجساد.