للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علاج الرياء

[١ - الاستعانة بالله على الإخلاص والتعوذ به من الرياء ومراقبته]

قال تعالى: {فَفِروا إِلَى اللِّه إِنّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِير مبينٌ} (١)، فالسبيل الأقوم هو أن نلجأ إلى الله محتمين به لائذين بجنابه، كي يخلصنا من الرياء، ويرزقنا الإخلاص، ولنا في إبراهيم خليل الرحمن أسوة إذ توجه إلى ربه كي يخلصه من الشرك الأكبر: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِي أنْ نَعْبدَ اْلأصنَامَ} (٢). وليس عبثا أن شرع الله لنا أن نردّد دائما قوله: {إِيَّاكَ َنعبدُ، وَإيَّاكَ نستَعِينُ} (٣)، فهو المعبود وحده دون سواه، فلا نعبد إلا إياه، وهو المستعان وحده في دفع المكروه، وفي الإعانة على الطاعات والمأمورات.

ومن ذلك أن نتعوذ بالله ربنا من هذا الداء العضال؛ ففي الحديث أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خاطب أصحابه قائلاً: "أيها النَّاس: اتقوا الشرك؛ فإنّه أخفى من دبيب النمل، قالوا: وكيف نتقيه يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهمَّ إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئًا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه" (٤).

وقد أرشدنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى طريقة نخلص بها ديننا لربنا، ونصل بها إلى أعلى المراتب وهي الإحسان، فقال: "اعبد الله كأنك تراه، فإنْ لم تكن نراه فإنَّه يراك" (٥). فالنظر إلى العظماء يوجب مهابتهم وإجلالهم، والأدب معهم إلى أقصى الغايات، فما الظن بالنظر إلى ربّ الأرض والسموات! فإن كان الإنسان لا يستطيع أن يعبد على الصفة الأولى، فليعبد على أن الله يراه وينظر إليه، فالنفوس عندما تستشعر ذلك تستبعد العمل على الغفلة والرياء، وتلتفت إلى الحيّ القيوم.


(١) سورة الذاريات/ ٥٠.
(٢) سورة إبراهيم/ ٣٥.
(٣) سورة الفاتحة/ ٥.
(٤) رواه أحمد في مسنده والطبراني عن أبي موسى (كنز العمال ٣/ ٢٧٥).
(٥) هذا جزء من حديث مشهور تفرد بإخراجه مسلم دون البخاري (انظر جامع العلوم ص ٢١).

<<  <   >  >>