للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جنس النيّة في الموجودات

هل النيّة من جنس العلوم والاعتقادات؟ أو من جنس الِإرادات والعزوم؟ أو حقيقة مركبة منهما؟

ذهب بعض الشيعة (١) إلى أنَّ النيَّة من جنس العلوم، وخالف بعضهم، أمّا أهل السنة فيكادون يجمعون على أنَّ النية من جنس الِإرادات والعزوم، يدلّ على ذلك ما سقناه من قبل في تعريف النية حيث فسروها بأنها القصد أو العزم أو الِإرادة، وممن نص على ذلك صراحة القرافي -رحمه الله- قال: "والنيَّة من باب العزوم والِإرادات، لا من باب العلوم والاعتقادات" (٢)، ويقول ابن تيمية: (٣) "والنية من جنس القصد والِإرادة" (٤) ويقول الطيبي من الأحناف: "النية معنى وراء العلم فهي نوع إرادة كالقصد" (٥)، وقد فسر صاحب الهداية النية قائلا: "النيَّة هي الإرادة والشرط أن يعلم بقلبه أيّ صلاة يصلّي" (٦)، فلم يرق هذا لبعض الشراح بحجة أن اشتراط العلم "ينزع إلى تفسير النية بالعلم وهو غير صحيح" (٧).


(١) ممن قال بذلك منهم نصير الدين الطوسي (انظر كتاب تجريد الاعتقاد بشرحه القول السديد لمحمد المهدي).
(٢) الذخيرة (١/ ٢٣٥)، والنووي أقر عبارة القرافي (نهاية الأحكام ص ٣٥).
(٣) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام، ولد بحرّان سنة (٦٦١ هـ)، وانتقل مع أبيه إلى دمشق صغيرا، برع في علوم النقل والعقل، وكان مجاهدا ورعا، لا يخاف ولا يهاب، جاهر بالحق، بالحق، وأوذي، ومات بالسجن في دمشق، سنة (٧٢٨ هـ)، له مصنفات كثيرة تبلغ مائتي مجلد، وقد طبعت فتاويه في الرياض بالسعودية في (٣٧) مجلدا.
(طبقات الحفاظ ص ٥١٦) (شذرات الذهب ٦/ ٨١) (الأعلام ١/ ١٤٠).
(٤) مجموع الفتاوى (١٨/ ٢٥١)، شرح "إنما الأعمال" له أيضا (ص ١٢).
(٥) البحر الرائق (١/ ٢٥).
(٦) حاشية على فتح القدير (١/ ١٨٦).
(٧) فتح القدير (١/ ١٨٦).

<<  <   >  >>