للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعجب في لغة العرب: الزهو، ورجل معجب مزهو بما يكون منه حسنا أو قبيحا، وقد أعجب فلان بنفسه فهو معجب برأيه وبنفسه والاسم العجب (١).

والعجب بالطاعات إنما يكون نتيجة استعظام الطاعة، وكأنه يمنُّ على الله -تعالى- بفعلها، وينسى نعمته عليه بتوفيقه لها: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٢).

والمعجب المغرور بنفسه وبعبادته وطاعته لا يحقّق {إِيَّاكَ نسْتعَيِنُ} (٣)، كما أن المرائي لا يحقق {إِيّاكَ نَعْبدُ} (٤).

ومتى شغل العبد بتحقيق {إِياكَ نَعْبُد وَإيّاكَ نَسَتعيِنُ} (٥)، خرج عن الرياء والعجب. وفي الحديث: "ثلاث مهلكات: شحّ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه" (٦).

والعجب آفة تحبط العمل، يقول النووي رحمه الله تعالى: "اعلم أنَّ الإخلاص قد يعرض له آفة العجب، فمن أعجب بعمله حبط عمله، وكذلك من استكبر حبط عمله" (٧).

[أسباب الرياء]

أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه يخاف علينا الشرك الخفي أكثر مما يخاف علينا المسيح الدجال، وما ذلك إلاّ لأنّ الداعي إلى الرياء قويٌّ، إذ النفوس


(١) لسان العرب في مادة (ع ج ب).
(٢) سورة الحجرات/ ١٧.
(٣) سورة الفاتحة / ٥.
(٤) سورة الفاتحة / ٥.
(٥) سورة الفاتحة / ٥.
(٦) رواه البيهقي في شعب الإيمان (مشكاة المصابيح ٢/ ٦٣٧).
(٧) شرح الأربعين ص ١٠، وراجع في هذا الموضوع المدخل لابن الحاج، (٣/ ٥٤)، والقرافي في كتابه الفروق (٤/ ٢٢٧، ٢٢٨)، يري أن العجب والتسميع لا يكونان إلا بعد تمام الطاعة، بخلاف الرياء فهو مقارن للعبادة، ومن هنا كان الرياء عنده مفسد للعبادة بخلاف العجب والتسميع أنهما معصيتان إلا أن العبادة لا تفسد بهما، ويفرق القرافي بين العجب والتسميع، بأن العجب إنما يكون بالقلب، خلاف التسميع فهو باللسان.

<<  <   >  >>