للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعندما استدلّ مخالفوهم بحديث: "إنَّما الأعمال بالنيات" وما في معناه على تقييد الآيات، لم يرتض الأحناف ذلك، لأنَّه نسخ عندهم، والسنّة الآحادية لا تنسخ الكتاب، يقول السرخسي: "ولنا آية الوضوء، ففيها تنصيص على الغسل والمسح، وذلك يتحقق بدون النيّة، فاشتراط النيّة يكون زيادة على النص، إذ ليس في اللفظ المنصوص عليه ما يدلّ على النيّة، والزيادة لا تثبت بخبر الواحد ولا بالقياس" (١)، وممن ذهب هذا المذهب الجصاص (٢).

[٧ - دليل النية ظني الثبوت ظني الدلالة]

وقالوا: إنّ دليل النية -وهو حديث "إنَّما الأعمال"- ظني الثبوت ظني الدلالة، وما كان كذلك فلا يثبت به إلا السنّة والاستحباب.

يقول صاحب كشف الأسرار: "الأدلّة السمعية أنواع أربعة:

قطعيّ الثبوت والدلالة كالنصوص المتواترة.

وقطعي الثبوت، ظني الدلالة، كالآيات المؤولة.

وظنّي الثبوت، قطعي الدلالة، كأخبار الآحاد التي مفهومها قطعي.

وظنّي الثبوت والدلالة، كأخبار الآحاد التي مفهومها ظني" (٣).

ثم بين أنه بالأول يثبت الفرض.

وبالثاني والثالث يثبت الوجوب.

وبالرابع تثبت السنة والاستحباب، ليكون الحكم بقدر دليله" (٤).


(١) المبسوط (١/ ٧٢، ٧٣).
(٢) الفصول (٢/ ٤٧٠ - ٤٧١).
(٣) كشف الأسرار (١/ ٨٣)، وراجع: البحر الرائق (١/ ٢٩١).
(٤) كشف الأسرار (١/ ٨٣).

<<  <   >  >>