وكذلك من حج وشرّك في حجه غرض المتجر، ويكون جلّ قصوده كلّه السفر للتجارة خاصة، ويكون الحج إما مقصودا مع ذلك أو غير مقصود، ويقع تابعا اتفاقا، فهذا أيضا لا يقدح في صحة الحج، ولا يوجب إثما ولا معصية. وكذلك من صام ليصح جسده، أو ليحصل له زوال مرض من الأمراض التي ينافيها الصوم، ويكون التداوي هو مقصوده أو بعض مقصوده، والصوم مقصود مع ذلك، وأوقع الصوم مع هذه المقاصد، لا يقدح في صومه بل أمر بها صاحب الشرع في قوله:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنّه له وجاء" أي قاطع.
فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصوم لهذا الغرض، ولو كان ذلك قادحا لم يأمر به صلى الله عليه وسلم في العبادة.
ومن ذلك أن يجدد وضوءا ليحصل له التبرد أو التنظف.
قال:"وجميع هذه الأغراض لا يدخل فيها تعظيم الخلق بل هي لتشريك أمور من المصالح، ليس لها إدراك، ولا تصلح للِإدراك، ولا للتعظيم، وذلك لا يقدم في العبادات".
وبعد هذا البيان قال:"فظهر الفرق بين قاعدة الرياء في العبادات وبين قاعدة التشريك فيها غرض آخر غير الخلق مع أن الجميع تشريك، نعم لا يمنع أن هذه الأغراض المخالطة للعبادة قد تنقص الأجر وأن العبادة إذا تجردت عنها زاد الأجر وعظم الثواب، أما الإثم والبطلان فلا سبيل إليه ومن جهته حصل الفرق"(١).
[تحقيق القول في قصد المكلف المصالح التي أقر الشارع قصدها بالعبادة]
عدم إدراك بعض العلماء للفرق الذي وضحه القرافي أوقعهم في خطأ بيّن