للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أليس كان يكون عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال له أجر" (١).

٣ - المباح بالجزء مطلوب بالكل على جهة الندب أو الوجوب (٢):

قد يكون الأمر مباحا بالجزء ولكنه مطلوب بالكلّ، فالعبد إذا جاز له أن يترك الطعام والشراب، ويجهد نفسه في بعض الأحيان، إلا أنّه لا يجوز له أن يتمادى في ذلك حتى يهلك نفسه بسبب ذلك، ولذلك أوجب جماهير العلماء على المضطر أن يأكل من الميتة، وعدّوه مستوجبا للوعيد إذا هو امتنع عن الأكل حتى هلك.

وكذلك هو مأمور بالوطء عند حاجته إليه، ومأمور بنفس عقد الزواج إذا احتاج إليه وقدر عليه.

ولو قدر أن امتنع الناس عن الزواج والمتاجرة والصناعة فإنَّهم يعدون آثمين، فإذا تصرف المكلف بالمباح في ضوء هذا الفهم فإنّه يكون مثابا مأجورا إن شاء الله تعالى.

[استحضار النية عند المباح]

الأفعال والأقوال المباحة كثيرة جدّا، وإذا لم يقصد بها العبد النية الخيّرة، فإنها لن تعود علينا بالنفع الأخروي، فإذا أحسن المكلف القصد والتوجه حين القيام بها فإنَّ هذه الأعمال من المطعم والمشرب والنوم والمتاجرة والصناعة تصبح ثروات عظيمة تنفعنا عندما نقدم على ربنا في يوم القيامة.

لذلك حث العلماء ورغبوا في "استحضار النية عند المباحات والعاديات،


(١) رواه أحمد ومسلم عن أبي ذر (صحيح الجامع ٢/حديث ٢٥٨٥).
(٢) راجع الموافقات ١/ ٧٨، مجموع الفتاوى ١٠/ ٤٦١.

<<  <   >  >>