للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الصنعاني: "الرياء أن يفعل الطاعة، ويترك المعصية، مع ملاحظة غير الله، أو يخبر بها، أو يحب أن يطلع عليها لمقصد دنيوي، من مال أو نحوه" (١).

[الرياء والسمعة]

عنون البخاري في صحيحه بهذا العنوان: "باب الرياء والسمعة"، وذكر فيه قوله صلى الله عليه وسلم: "من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به" (٢).

والفرق بين الرياء والسمعة أن الرياء هو العمل لرؤية الناس، والسمعة العمل لأجل سماعهم، فالرياء يتعلق بحاسة البصر، والسمعة بحاسّة السمع، قال الحافظ ابن حجر: "المراد بالسمعة نحو ما في الرياء، لكنها تتعلق بحاسة السمع، والرياء بحاسة البصر" (٣).

فالتسميع على هذا لا يكون إلا في الأمور التي تسمع كقراءة القرآن وذكر الله تعالى، ونحو ذلك.

إلاّ أن العز بن عبد السلام يرى أن المراد بالتسميع هو أن يحدّث المرء غيره بما يفعله من الطاعات التي لم يطلع عليها المتحدث، أمّا الرّياء فهي الطاعة التي يظهرها الفاعل كي يراها الناس (٤).

وعلى ذلك فالرياء لا يدخل في العبادات القلبية كالخوف والرجاء بخلاف التسميع، لأن العبد قد يحدّث عما يكنه قلبه يريد بذلك ثناء الناس. يقول العز بن عبد السلام: "أعمال القلوب مصونة من الرياء، إذ لا رياء إلا بأفعال ظاهرة ترى أو تسمع، والتسميع عام لأعمال القلوب والجوارح، وقد عدَّ الصوم من الأعمال التي لا تظهر إلا بالتسميع" (٥).


(١) سبل السلام ٤/ ١٨٤.
(٢) رواه البخاري عن جندب بن عبد الله (انظر فتح الباري ١١/ ٣٣٦).
(٣) فتح الباري ١١/ ٣٣٦.
(٤) قواعد الأحكام ١/ ١٤٧، وقال مثله النووي رحمه لله تعالى: التسميع أن يعمل العمل في الخلوة، ثم يحدث بما عمل (شرح الأربعين ص ١١).
(٥) قواعد الأحكام ١/ ١٤٨.

<<  <   >  >>