للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[التكليف]

المكلفون جمع مكلف، والتكليف في اللغة: إلزام ما فيه كلفة أي مشقة، يقول صاحب القاموس المحيط: "التكليف الأمر بما يشقّ، وتكلفه: تجشمه.

وقال: ألزمه إياه فالتزمه".

قالت الخنساء (١) في أخيها صخر:

يُكَلِّفه القَوْمُ مَا نَابَهُمْ ... وإنْ كان أَصغرَهُمْ مَوْلِدًا

والمكلفون من المخلوقات ثلاثة أصناف: الملائكة والِإنس والجنُّ. ومرادنا هنا: البحث في مقصاد المكلفين من الإنس دون غيرهم. وليس كلُّ الإنس مكلفين، فالمكلفون منهم هم البالغون العقلاء الذين بلغتهم الدعوة.

وقد ذكر الآمدي (٢) اتفاق العقلاء على أنَّ شرط التكليف أن يكون عاقلا فاهما، لأنَّ التكليف خطاب، وخطاب من لا يعقل ولا يفهم محال، كالجماد والبهيمة (٣).

وشبيه بالجماد والبهيمة: المجنون والصغير الذي لا يميز، فهذان وإن وجد لهما أصل الفهم لأصل الخطاب، فليس عندهما فهم لتفاصيل الخطاب: من كونه أمرا أو نهيا، ومقتضيا للثواب والعقاب، ومن كون الآمر به هو الله تعالى، وأنّه واجب الطاعة.


(١) هي تماضر بنت عمرو بن الحارث الرياحية السلمية، أشهر شواعر العرب، وأشعرهن على الإطلاق، أدركت الإسلام فأسلمت وحسن إسلامها. (الأعلام ٢/ ٦٩).
(٢) هو علي بن محمد بن سالم التغلبي أصولي باحث، ولد في (آمد) من ديار بكر سنة (٥٥١ هـ)، وتعلم في بغداد والشام، واشتهر في القاهرة، وتوفي في دمشق سنة (٦٣١ هـ). له نحو عشرين مصنفا، أشهرها (الإحكام في أصول الأحكام). (شذرات الذهب ٥/ ١٤٤)، (التكملة لوفيات النقلة ٦/ ٩٠)، (الأعلام ٥/ ١٥٣).
(٣) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي (١/ ١١٥).

<<  <   >  >>