للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقع النية من العلم والعمل (١)

القصد حالة وصفة للقلب يكتنفها أمران: علم وعمل، العلم يَقْدُمه، لأنّه أصله وركنه، والعمل يتبعه، لأنَّه ثمرته وفرعه.

فالقصد حالة لا بدَّ منها لإيجاد الفعل، والقصد له متعلقان:

الأول: الفعل المراد تحقيقه، فالقصد يجعله اختياريا كالهويّ إلى السجود مثلا، فإنه تارة يكون بقصد، وتارة يسقط الِإنسان على وجهه بصرعة أو صدمة.

الثاني: المعنى الذي كان من أجله الفعل، والقصد يكون بمعنى العلّة التي وجد الفعل من أجلها، فيكون القصد هنا الانبعاث لإجابة الداعي والباعث، فالذي يقوم مختارا قد يكون قصده القيام احتراما لإنسان قادم، وقد يقصد الوقوف تعظيما لله في الصلاة، وقد يقصد تناول شيء ما، فالقيام لا يخلو عن باعث يدعو إلى تحقيقه، فالقصد هنا إجابة ذلك الداعي المحرك إلى الفعل.

والعلم لا بد منه كي يتحقق القصد بمعنييه، فالقصد إلى الفعل لا يكون ما لم يكن الفعل المراد معلوما، فالذي لا يعلم أنَّ في الصلاة وقوفا وركوعا وسجودا كيف يتأتى منه أن يقصد ذلك؟

والقصد بمعنى الباعث يستدعي العلم أيضا، فإنَّ الغرض إنما يكون باعثا في حقِّ من علم الغرض، فمن لا يعلم معنى الاحترام والتعظيم لا يمكنه أن يقوم لغيره على نيَّة الاحترام والتعظيم.


(١) إحياء علوم الدين (٤/ ٣٦٥)، منتهى الآمال (١٥/ ب)، تحسين الطوية (٢/ ب)، إعمال الفكر والروايات (ص ٣).

<<  <   >  >>