للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الصحيح أنَّ تغيير هذه النية لا يضرَّ، وأن صلاته صحيحة، بل يجب عليه أن يتم الصلاة إذا غير نية السفر، ونوى الإقامة في مكانه، أو نوى الرجوع إلى بلده، والمسافة قصيرة لا يباح فيها القصر، وعلى هذا الشافعي وأحمد، وحجتهم أن القصر رخصة، فإذا أسقط نيَّة الترخص صحَّت الصلاة بنيتها، ولزم الإتمام، ولأنَّ الإتمام الأصل، وإنَّما أبيح بشرط، فإذا زال الشرط عاد الأصل إلى حاله.

وما ذهب إليه مالك -رحمه الله- من أنَّه لا يجوز له الإتمام، لأنه نوى عددا، فإن زاد عليه حصلت الزيادة بغير نيَّة، يرده أن النية لم تتغير، وإنَّما الذي تغير السبب الذي يجعل الصلاة المقصورة تامة، وهذا التغيير قد عهدنا من الشارع أنَّه لا يعتد بمثله كما سبق في صحة تغيير نية المنفرد إلى الإمامة، والمأموم إلى منفرد (١).

اختلاف نيّة الإمام والمأموم

مما يلحق بالمسألة السابقة اختلاف نية الإمام والمأموم، هل هذا الاختلاف يبطل الصلاة؟.

لا خلاف بين العلماء في أن هذا لا أثر له كلية إذا اقتدى المتنفل بالمفترض (٢)، وقد جاءت نصوص كثيرة تدل على هذا، منها الحديث الذي سبق ذكره "من يتصدق على هذا"، فقام أحد الصحابة فصلى خلف ذلك الذي فاتته الجماعة" (٣).

وقد أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبا ذر (٤) إذا أدرك الأمراء الذين يؤخّرون


(١) راجع في هذه المسألة المغني (٢/ ٢٦٦)، قواعد الأحكام (١/ ٢١٦).
(٢) المغني (٢/ ٢٦٢)، المحلى (٤/ ٢٣٠).
(٣) رواه أبو داود والترمذي، وحسنة، وابن خزيمة، وصحّحه، وابن حبان والحاكم.
(٤) هو جندب ابن جنادة في سفيان من بني غفار، من السابقين إلى الإسلام، يضرب به المثل في الصدق، كان شديدا على الأغنياء، يلومهم ويقرعهم لعدم بذلهم الأموال للمحتاجين، توفي بالربذة، قرب المدينة عام (٣٢ هـ).
راجع: (الإصابة ٤/ ٦٣)، (خلاصة تذهيب الكمال ٣/ ٢١٥)، (الكاشف٣/ ٣٣٣)، (طبقات الحفاظ ص ٦)، الأعلام (٢/ ١٣٧).

<<  <   >  >>