القصد من العبادة هو الخضوع لله وحده بإخلاص التوجه إليه والانتصاب على قدم الذلة والصغار بين يديه، وتذكير النفس بالذكر له، والعادات حق خالص لله دون سواه، والواجبات المفروضة من العبادات ليس للمكلف خيار في إسقاطها عن نفسه.
وبعض الناس يتوجه قصده ونيته إلى الهروب من العبادة بنوع من أنواع الخداع والتحايل، بحيث يكون عمله في ظاهر الأمر مشروعا لا مؤاخذة عليه، وهو يقصد في باطنه التهرب من العبادة وإسقاطها تكاسلا عن الفعل، وضنًا بالجهد والمال، وطلبا للراحة، واتباعا للهوى.
وقد ضرب العلماء أمثلة كثيرة لهذا النوع، ومن أمثلته أن يدخل وقت الصلاة عليه في الحضر، فيشرب الخمر، أو يشرب دواء يفقده عقله مدة من الزمان، أو يرمي نفسه من شاهق، أو يحدث سفرا، كل ذلك ليسقط الصلاة عنه كليَّا أو جزئيَّا بالصلاة من قعود، أو بالقصر في السفر.
ومثلوا له بالذي يظله شهر رمضان فيحدث سفرا ليأكل ولا يصوم أو يريد أن يجامع زوجه في رمضان فيأكل أولا، ثم يجامع كي يسقط الكفارة.
ويدخل في هذا الباب من قصد الفرار من وجوب الزكاة بهبة العالم أو إتلافه، أو جمع متفرقه، أو تفريق مجتمعه، أو بيع المال قبل الحول.
وكل هذا من المقاصد الخبيثة، والأدلة على ذلك كثيرة منها:
١ - أن العبادات الواجبة حق لله تعالي، لا يجوز للعبد أن يتسبب في إسقاطها بحال من الأحوال، ومن فعل ذلك فإن العبادة تبقى في ذمته.
٢ - العبادات شرعت للتقرب بها إلى الله تعالى، ولمصالح تعود على العباد في دنياهم وأخراهم، وهذه المصالح بينها الله في كتابه وبينها رسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته، واستنبطها العلماء من النصوص، فمن رام مصالح غير معتبرة شرعا فإن قصده مخالف لمقصود الشارع من وضع العبادة.
فالزكاة -مثلا- وضعت كي يتقرب العباد بها إلى ربهم، فيحصلون على رضوانه