للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول الكاساني: "إن اتصلت النيّة بالوضوء يقع عبادة، وإن لم تتصل به لا يقع عبادة، لكنّه يقع وسيلة إلى إقامة الصلاة كالسعي للجمعة" (١).

٥ - الوضوء شرط والشروط لا تحتاج إلى نيّة:

قالوا: لو اعتبرت النية في الوضوء والغسل لاعتبرت في سائر شروط الصلاة كستر العورة وإزالة النجاسة.

[٦ - إطلاق النصوص]

يقول الكاساني: "أمر القرآن بالغسل والمسح (أي في الوضوء) مطلقا عن شرط النية، ولا يجوز تقييد المطلق إلاّ بدليل، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (٢).

نهى الجنب عن قربان الصلاة إذا لم يكن عابر سبيل إلى غاية الاغتسال مطلقا عن شرط النية، فيقتضي انتهاء حكم النهي عند الاغتسال المطلق، وعنده "أي الشافعي" لا ينتهي إلاّ عند اغتسال مقرون بالنية وهذا خلاف الكتاب" (٣). وقريب من استدلالهم هذا الاستدلال بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمّ سلمة (٤): "إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي عليك الماء، فإذا أنت قد طهرت" (٥).

واستدلوا بالأحاديث الكثيرة الآمرة بالوضوء والغسل من غير ذكر للنية، ولو وجبت لذكرت.


(١) بدائع الصنائع (١/ ١٩)، وانظر تفسير القرطبي (٦/ ٨٥)، وفتح الباري (١/ ١٤٨).
(٢) سورة النساء ٤٣.
(٣) بدائع الصنائع ١/ ١٩.
(٤) هي هند بنت سهيل القرشية المخزومية أمّ المؤمنين، تزوجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في السنة الرابعة من الهجرة بعد أن توفي عنها زوجها أبو سلمة بن عبد الأسد- كانت من أكمل النساء عقلا وخلقا، توفيت عام (٦٢ هـ)، بالمدينة المنورة.
(٥) رواه مسلم (مشكاة المصابيح ١/ ١٣٧).

<<  <   >  >>