للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر فيه حديث أبي سعيد: "لقد كانت الصلاة تقام، فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يتوضأ، ثم يأتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الركعة الأولى مما يطولها" (١).

وذكر حديث عند الله بن أبي أوفى (٢): "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم في الركعة الأولى من الصلاة حتى لا يسمع وقع الأقدام" (٣). أفيجوز لعلامة مفسِّر كالقرطبي -غفر الله له- بعد ذلك أن يقول: "إذا أحسّ برجل داخل في الركوع وهو إمام لم ينتظره، لأنه يخرج ركوعه بانتظاره عن كونه خالصا لله تعالى؟! " (٤).

[الغنيمة في الحرب والتجارة في الحج تنقصان الأجر]

ونحن مع قولنا بصحة حج من قصد التجارة في الحجِّ والغنيمة في الحرب إلا أننا نوافق من قال بأن أجر هؤلاء أقلّ من أجر غيرهم ممن لم يشتغل بشيء من ذلك.

وهذا القول جاءت النصوص الصحيحة الصريحة التي لا تحتمل التأويل به، ففي الحديث: "ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم، ويبقى لهم الثلث، وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم" (٥).

وفي رواية: "ما من غازية أو سرية تغزو فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجرهم، وما من غازية أو سرية تخفق أو تصاب إلا تم أجورهم" (٦).

فهؤلاء بنصّ الحديث خارجون بنية خالصة، فقد صرح بأنهم غازون في سبيل


(١) رواه مسلم في صحيحه (انظره بشرح النووي (٤/ ١٧٣).
(٢) هو عبد الله بن أبي أوفى: علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي، شهد بيعة الرضوان، وتوفي سنة (٨٦ هـ)، بالكوفة، وهو آخر من توفي بها من الصحابة. راجع (تهذيب التهذيب ٥/ ١٥١) (خلاصة تذهيب الكمال ٢/ ٤١).
(٣) رواه أبو داود (١/ ٢٩٥).
(٤) تفسير القرطبي (٥/ ١٨٠).
(٥) صحيح مسلم (انظر مسلم بشرح النووي ١٣/ ٥١).
(٦) المصدر السابق.

<<  <   >  >>