للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرياء شرعًا:

وقد عرّف العلماء الرياء بتعريفات قريبة من المعنى اللغوي، ومدار تعريفاتهم على شيء واحد هو: أن يقوم العبد بالعبادة التي يتقرب بها لله لا يريد الله عز وجل، بل يريد عرضا دنيويا. (١)

يقول الحارث المحاسبي في تعريف الرياء: "الرياء إرادة العبد العباد بطاعة الله (٢)، ويقول الغزالي: "الرياء التشبه بذوي الأعمال الفاضلة طلبا للسمعة والمفاخرة" (٣)، ويقول العز بن عبد السلام: "الرياء إظهار عمل العبادة، لينال مظهرها عرضا دنيويا، إما بجلب نفع دنيوي أو تعظيم أو إجلال" (٤).

وقال القرطبي: "حقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس" (٥).

وقال مرّة: "الرياء أن يفعل شيئًا من العبادات التي أمر الله بفعلها لغيره" (٦).

وقال ابن حجر: "هو إظهار العبادة لقصد رؤية الناس، فيحمدوا صاحبها" (٧).

وعرفه أبو بكر بن العربي: "هو أن يري الناس أنّه يعمل عملا على صفة، وهو يضمر في قلبه صفة أخرى" (٨).


(١) قد يكون العابد لا يريد ما عند الله عز وجل بل يريد الدنيا بعبادته ومع ذلك لا يعدّ مرائيا، وهذا يتصور في حالتين:
الأولى: أن يعمل العمل الصالح، ويطلب به الدنيا، ويصرح بذلك، ولا يخفيه كمن يطلب العلم الديني لقصد الرئاسة والوظيفة، أو يحج لتحصيل مال موعود به.
والثانية: أن يعمل العمل الصالح الذي شرعه ليعبد به كالصلاة والصدقة وصلة الأرحام، ويزعم أنه مخلص له في ذلك، ولكنه يريد من الله بعبادته هذه أن يجازيه بحفظ ماله وتنميته أو حفظ عياله، وليس له مراد في إرضاء الله وتحصيل ثوابه، فهذا ليس له في الآخرة نصيب، وقد ذكر الله هذا الصنف في قوله: {ومن الناس منْ يقول ربنا آتنا في الدنيا وما لَه فِي الآخرة مِن نصيب}.
(٢) الرعاية ص ٣٣.
(٣) ميزان العمل ص ٢٨٥.
(٤) قواعد الأحكام ١/ ١٤٧.
(٥) تفسير القرطبي ٢٠/ ٢١٢.
(٦) تفسير القرطبي ٥/ ١٨١.
(٧) فتح الباري ١١/ ١٣٦.
(٨) تيسير العزيز ص ٤٦١.

<<  <   >  >>