أمّا الخير الموصل إلى الخير فهو كالصلاة والصبر إذا قصد بهما الاستعانة عليه الطاعة:{وَاستعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ}(١)، وترك الشر فيه معونة على الطاعة، فإن العبد يحرم الخير بالذنب يصيبه، ومن ذلك حرمانه نور العلم والهداية بما يأتيه من المعاصي، فإذا ترك ذلك كان عونا على تحصيل العلم وفهمه وحفظه.
الخامس: نحن لا ننكر أنَّ الله قد يتفضل على بعض عباده بشيء من الكرامة وإطلاعه على بعض ما يخفي على عامة الناس، ويكون ذلك على جهة التكريم، أو لأجل مصلحة ظاهرة من دفع العدو، أو إعانة على خير. والذي نعرفه من هذا أنه يحصل من غير طلب، أو من غير تطلع إليه، كما حدث لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما رأى عدوا يريد ضرب المسلمين من خلفهم، فصاح من على منبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- يا سارية الجبل، فأسمع المسلمين في في بلاد فارس.
وقد يحدث في حال الاضطرار الشديد، كأن يكون العبد خائفا أو جائعا، فييسر الله له الطعام والشراب من حيث لا يحتسب، وقد يعطي الله ذلك عبدا لحكمة يعلمها كما حديث مع مريم ابنة عمران.
وإنما الذي ننكره أن يعبد المسلم بهذا القصد وبهذه النية.