للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليثاب عليها ثواب العبادات مع أنَّه لا مشقة عليا في القيام بها، بل هي مألوفة لنفسه مستلذة، وهذا من عظيم سعة رحمة الله، وكبير منته، أن أباح لعباده الطيبات التي يشتهيها، ثم مع ذلك يثيبه عليها بحسن نيته (١).

وقد وضَّح لنا أهل العلم كيف تكون نياتنا في المباح، فقد ذكر الغزالي ما يمكن أن ينوي بالطِّيب، فمن الممكن أن ينوي به اتباع سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم الجمعة، وينوي بذلك أيضا تعظيم المسجد عند مجاورته بروائحه، وأن يقصد به رفع الروائح الكريهة عن نفسه التي تؤدي إلى إيذاء مخالطيه، وأن يقصد حسم باب الغيبة عن المغتابين إذا اغتابوه بالروائح الكريهة، فيعصون الله بسببه (٢).


(١) نهاية الأحكام (ص ١٢).
(٢) إحياء علوم الدين (٤/ ٣٧٢)، ومن الذين أطالوا في هذه الأمور ابن الحاج في المدخل، ولكنه أغرق في ذلك وغالى، وأخرجه ذلك إلى نوع من التكلف الشديد، استمع إليه وهو يقول: "فتحصل لنا من النيات في الخروج إلى المسجد اثنان وتسعون مع ما يضاف إلى ذلك من نيّة شروط وجوب الصلاة وفرائضها وسننها وذلك سبع وستون" (١/ ٥٤)، ولو ذهبنا نتتبع تلك النيات التي ذكرها لأدركنا مدى التكلف والتمحل، حتى أنه رغب الخارج إلى المسجد أن يكون معه سكينا كي ينوي أنه إذا وجد شاة مصابة قاربت الموت أن يذبحها ...

<<  <   >  >>