للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومذهب الإمام الشافعي في عدم جواز النيابة في صوم الفريضة مذهب قوي، إلا أننا نرجّح مذهب الحنابلة في جواز النيابة في صوم النذر، لصحة الأحاديث في ذلك، على أن يكون النائب وليا: ولدا أو أبا، أما غير الولي فلا للحديث: "مَنْ مات وعليه صوم صام عنه وليه".

ونستطيع القول بأنَّ العبادات البدنية التي لا مدخل للمال فيها لا تجوز النيابة فيها مطلقا، وهي الوضوء، والغسل، والتيمم، والصلاة، والصوم غير المنذور.

والعبادات المالية تجوز فيها النيابة مطلقا، ولذلك أقر صلى الله عليه وسلم بل حبَّب قضاء الدين عن الميت، فعن سلمة بن الأكوع "أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي بجنازة، فقالوا: صلِّ عليه. قال: هل ترك شيئًا؟ قالوا: لا. قال: هل عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلّوا على صاحبكم، قال رجل من الأنصار يقال له أبو قتادة: صلّ عليه يا رسول الله وعليَّ دينه" (١).

وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- نحو من حديث سلمة بن الأكوع، وفيه: "أرأيت إن قضيت عنه، أتصلي عليه؟ قال: إن قضيت عنه بالوفاء- صلّيت عليه، قال: فذهب أبو قتادة فقضى عنه، فقال: أوفيت ما عليه؟ قال: نعم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى عليه" (٢).

ويدلّ على ذلك ما سيأتي من جواز الصدقة عن الميت.

أما العبادات التي فيها مدخل للمال كالحجّ، فالراجح دخول النيابة فيها، لأجل ذلك. وبناء على هذا الأصل: جاز للولي أن يقوم بتفريق زكاة مال التيم، وزكاة مال المحجور عليه لجنون أو سفه، وجاز أن يفوض الرجل غيره في التصرف في ماله بما في ذلك إخراج الزكاة عنه. أما توكيل صاحب المال شخصا ما بتفريق


(١) أخرجه البخاري في صحيحه.
(٢) رواه أحمد والسياق له (مشكاة المصابيح ٢/ ١١٠)، (٥/ ٢٩٧، ٣٠١، ٣٠٢، ٣٠٤، ٣١١)، وأخرجه الترمذي والنسائي والدارمي (انظر أحكام الجنائز ص ٨٥).

<<  <   >  >>