للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - قوله عليه السلام: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله: هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: إنّه كان حريصا على قتل صاحبه" (١).

قالوا: دلَّ الحديث على المؤاخذة بالعزم على الفعل، لأن الرجل المقتول لم يقع منه فعل القتل، ولتعليل الرسول صلى الله عليه وسلم "إنه كان حريصا على قتل صاحبه" (٢).

٣ - قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (٣).

قال المخالفون: لا حجّة في هذه الآية، لأنَّها نسخت بقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إلاّ وُسْعَهَا} (٤)، وقد قال بذلك جمع من الصحابة، ومما يوضح ذلك ما رواه مسلم عن ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} (٥)، قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا: سمعنا، وأطعنا، وسلَّمنا قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: {لا يكلِّفُ الله نَفْسَا إلاّ وُسْعَهَا، لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتَسَبَتْ} (٦).

ورواه مسلم عن أبي هريرة بأوفى من رواية ابن عباس.

والصحيح أن هذا بيان وليس بنسخ، وهذا قول ابن عباس، والحسن


(١) عزاه التبريزي في المشكاة (٢/ ٢٨٢) إلى البخاري ومسلم.
(٢) وهذا الحديث لا حجة فيه أيضا، لأنه اقترن بعزم القتيل فعل بعض ما عزم عليه وهو شهر السلاح، وإشارته به إلى الآخر، فخرج عن دائرة العزم المجرد.
(٣) سورة البقرة: ٢٨٤.
(٤) سورة البقرة: ٢٨٦.
(٥) سورة البقرة: ٢٨٤.
(٦) صحيح مسلم، وانظره بشرح النووي (٢/ ١٤٦).

<<  <   >  >>