للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقوله مخلصين حال لهم في وقت العبادة، فإن الحال وصف هيئة الفاعل وقت الفعل، والِإخلاص هو النيّة (١).

٢ - أنّ أول العبادة لوعَرَى عن النيّة لكان مترددا بين القربة غيرها، وآخر الصلاة مبني على أولها، فإذا كان أولها متردِّدا كان آخرها كذلك، واستثني من ذلك الصوم للمشقة.

وللشافعية في كيفية المقارنة ثلاثة أقوال: (٢)

الأول: أن تقترن النيّة بالتكبير وتنبسط عليه، فينطبق أوّلها على أول التكبير وآخرها على آخره.

الثاني: أن تتقدم النيّة على التكبير، وإذا تمّت افتتح همزة التكبير متصلة بآخر النيّة، ولو قرن النيّة بالتكبير لم يجز.

الثالث: لو قدم النيّة كما ذكر المتقدمون، أو قرن كما ذكره الأولون جاز.

واحتج أصحاب المذهب الأول: بأنَّ العقد يحصل بالتكبير، فينبغي أن يكون القصد مقرونا به، وإن تقدَّم القصد، ثم جرى التكبير عريا عن القصد، لم يرتبط القصد بالمقصود، ولم يتحقق تعلق أحدهما بالثاني.

والذين ارتأوا تقديم النيّة اعتلوا بأنَّ النيّة لو بسطت على التكبير خلا أوّل التكبير من نية تامة، وإذا قدّمت النيّة ثبت حكمها، فاقترن حكم النيّة التامة بأوّل جزء من التكبير.

والذين جوزوا الأمرين جميعا بنوا توجيه مذهبهم على المسامحة في الباب، واستروحوا إلى أنَّ الأولين كانوا لا يتعرضون لتضييق الأمر في ذلك على الناس.

ولإمام الحرمين عند الملك بن عبد الله الجويني الشافعي نظرة دقيقة وعميقة فيما ذهب إليه أصحاب هذه الأقوال.


(١) المغني (١/ ٤٦٩).
(٢) نهاية المطلب لإمام الحرمين (نهاية الإحكام ص٣٦)، المجموع (٣/ ٢٤٤).

<<  <   >  >>