الأول: يصح وضوؤه، لأن الأحداث تتداخل، فإذا ارتفع واحد ارتفع الجميع، وهذا أصح الأقوال.
الثاني: لا يصح مطلقا لأنه لم ينو رفع جميع الأحداث.
الثالث: إن نوى رفع الحدث الأول صحّ، وإن نوى ما بعدّه لم يصح، لأنَّ الذي أوجب الطهارة هو الأول دون ما بعده.
الرابع: إن نوى رفع الأخير صحّ وضوؤه وإلا فلا، لأن ما قبل الأخير اندرج فيه.
الخامس: إن اقتصر على نيّة رفع أحد الأحداث صح وضوؤه، وإن نفى غيره فلا.
والصواب في هذه المسألة أن الحدث يرتفع بنيّة رفع واحد من الأحداث التي عليه، لأنه لا يجب عليه أن ينوي رفع حدث معين بل يجزئه أن ينوي رفع الحدث مطلقا، وقد بين المزني -رحمه الله- هذه المسألة غاية البيان، فقال:"ليس على المحدث عندي معرفة أي الأحداث كان منه، وإنما عليه أن يتطهر للحديث، ولو كان عليه معرفة أي الأحداث كان منه، كما كان عليه معرفة أي الصلوات عليه لوجب لو توضأ من ريح ثم علم أنَّ حدثه البول، أو اغتسلت المرأة تنوي الحيض، وإنما كانت جنبا، أو من الحيض، وإنما كانت نفساء، لم يجزىء أحد منهم، حتى يعلم الحدث الذي تطهر منه، ولا يقول بهذا أحد نعلمه"(١).
يوضح هذه المسألة أنَّ الحدث له في اصطلاح الفقهاء معنيان:
الأول: الأسباب الموجبة له، يقال: أحدث إذا خرج منه ما يوجب الوضوء.
الثاني: المنع المرتب على هذه الأسباب، فإنَّ من صدر منه سبب من هذه الأسباب فقد منعه الله من الِإقدام على هذه العبادة حتى يتوضأ.