للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - ومن ذلك ما رواه ابن عباس، قال: "بتُّ عند خالتي ميمونة، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- متطوعا من الليل، فقام إلى القربة فتوضأ، فقام يصلي، فقمت لما رأيته صنع ذلك فتوضأت من القربة، ثم قمت إلى شقّه الأيسر، فأخذ بيدي من وراء ظهره يعدلني كذلك إلى الشق الأيمن" (١).

ودلالة الحديث على المراد واضحة.

٣ - وحديث الذي فاتته صلاة الظهر فأحرم منفردا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من يتصدق على هذا) (٢).

ومذهب الشافعي -رحمه الله- أنه يجوز الاقتداء بالذي نوى الصلاة منفردا متنفلا كان أو مفترضا، للأدلة السابقة.

ومذهب الثوري، وأصحاب الرأي أنه لا يصح أن يصبح المنفرد إماما سواء في الفرض أو النفل، لأنه لم ينو الإِمامة في ابتداء الصلاة والأدلة السابقة تردُّ عليهم.

والِإمام أحمد -رحمه الله- يرى أنَّه يجوز أن يصبح المنفرد إماما في الفريضة، إذا كان إماما راتبا، وأحرم وحده منتظرا من يأتي فيصلي معه.

ومال ابن قدامة إلى مذهب الشافعي للأحاديث التي سبقت، ولأنَّ الأصل مساواة الفرض للنفل في النيَّة، ولأن الحاجة تدعو إلى نقل النية إلى الإمامة، لأن المنفرد إذا جاء قوم فأحرموا وراءه، فإن قطع الصلاة وأخبر بحاله قبح، وكان مرتكبا للنهي بقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أعْمَالَكُمْ} (٣)، وان أتمَّ الصلاة بهم ثم أخبرهم بفساد صلاتهم كان أقبح وأشق.

واستدلّ ابن قدامة -أيضا- بالقياس، فقاس هذه المسألة على ما جوزوه من انتقال المأموم ليصبح إماما في حال فساد صلاة إمامه، فليصح انتقال المنفرد ليصبح إماما كذلك (٤).


(١) رواه البخاري ومسلم انظر مشكاة المصابيح (١/ ٣٧٤).
(٢) قال الشوكاني: أخرجه أبو داود، والترمذي وحسنه، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، (نيل الأوطار ٣/ ١٥٢).
(٣) سورة محمد/ ٣٣.
(٤) راجع في هذه المسألة المغني (٢/ ٢٣١ - ٢٣٢).

<<  <   >  >>