للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقسم من الأحناف لهم رأي حسن في اعتبار المقصود الذي ينبغي أن يتحقق: فهم يرون العبادة الأوجب لها الأولوية، فإذا نوى بالمال الزكاة وكفارة اليمين، جعل عن الزكاة، وإذا صام يوما عن قضاء وكفارة جعل عن القضاء، لأنه أوجب، فإن استويا في القوّة فله أن يجعلهما إلى أي عبادة شاء، كمن نوى صوما عن كفارة ظهار وكفارة يمين.

وقد يقال: إن التردد في النية ينافي الجزم المطلوب فيها، ولذلك لا تصح الفريضة إذا قصد بها أكثر من عبادة، كمن نوى بالمال الذي يخرجه الزكاة، والصدقة؟ فعلى قاعدة الأحناف تكون زكاة، لأنها أوجب، وعلى ما ذكرناه من أن النية غير جازمة تكون صدقة، وهذا مذهب الشافعية، وبه قال محمد من الأحناف.

ومن عجب أن يصحّح الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأبو حنيفة الإحرام بحجتين أو عمرتين، وقالوا: يعقد الإحرام بهما، وعليه قضاء إحداهما، لأنه أحرم بهما، ولم يتمهما (١)، وعند الحنابلة (٢) أنه ينعقد بواحدة فقط، ويلغي الأخرى، ودليل الحنابلة: أنهما عبادتان، لا يلزمه المضيّ فيهما، فلم يصح الإحرام بهما كالصلاتين، وعلى هذا لو أفسد حجه وعمرته لم يلزمه إلا قضاؤهما، وعند أبي حنيفة يلزمه قضاؤهما بناء على صحة إحرامه بهما.


(١) المجموع (٦/ ١٩١).
(٢) المغني لابن قدامة.

<<  <   >  >>