للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال معتذرا للشافعي في تضعيفه للحديث: "وقد صحت في المسألة أحاديث، والشافعي إنما وقف على حديث ابن عباس من بعض طرقه، ولو وقف على جميع طرقه، وعلى حديث يزيد، وحديث عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يخالف ذلك (١) ".

أما الإِمام أحمد ومن ذهب مذهبه من الذين قالوا بجواز النيابة في صوم النذر خاصة فحجتهم:

أولا: أنَّ المسائلة في "الحديث الخامس" (٢) حديث ابن عباس قد صرَّحت أنَّ أنَّها نذرت أن تصوم شهرا، ثم توفيت قبل أن تفي بنذرها (٣).

ثانيا: حملوا حديث عائشة "الحديث الرابع" "من مات وعليه صوم صام عنه وليه" (٤) على صوم النذر، لأنَّه قد ورد النهي في حديث ابن عباس من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أن يصلي أحد عن أحد، أو يصوم أحد عن أحد (٥)، وقالوا: وفقنا بين هذين النصين بحمل النهي على النيابة في صوم الفرض، وحملنا الإذن في النيابة على صوم النذر.

ثالثا: قالوا هذا الذي صرنا إليه هو الذى أفتى به رواة هذه الأحاديث، فعائشة التي روت "من مات وعليه صوم صام عنه وليه"، وابن عباس الذي روى افتاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمرأة بأن تصوم عن أمّها، لم يفهما من هذه النصوص جواز النيابة في صوم الفرض، فقد أخرج الطحاوي عن عَمْرة أن أمّها ماتت وعليها من رمضان، فقالت لعائشة: أقضيه عنها؟ قالت: "بل تصدقي عنها مكان كلّ يوم نصف صاع على كل مسكين" (٦).


(١) المجموع (٦/ ٤٢٦).
(٢) من أدلة المجيزين مطلقا.
(٣) سبق تخريجه قريبا.
(٤) سبق تخريجه قريبا.
(٥) سبق تخريجه قريبا.
(٦) أخرجه الطحاوي، وابن حزم في المحلى (٧/ ٤)، واللفظ له بإسناد صحيح كما قال ابن التركماني.

<<  <   >  >>