للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: "من حدث"، احتراز من إزالة النجاسة.

وقوله "تستباح بها الصلاة" احتراز من غسل الذميّة من الحيض.

فإن قالوا التيمم لا يسمّى طهارة، فالجواب أنّه ثبت في الصحح: "جعِلَتْ ليَ الأرْض مَسْجدًِا وَطَهُورًا" (١)، وفي رواية في صحيح مسلم: "وَتُربتهَا طَهورًا" وثبت أنّه -صلى الله عليه وسلم- قال: "الصعيد الطيِّب وُضُوء الْمسلِمِ" (٢)، وما كان وضوءا كان طهورا وحصلت به الطهارة.

وقد أورد النووي اعتراضا على هذا القياس، فقال: قيل التيمم فرع الوضوء، ولا يجوز أن يؤخذ حكم الأصل من الفرع.

وقد أجاب عن هذا الإشكال قائلا: فالجواب: أن التيمم ليس فرعا؛ لأن الفرع ما كان مأخوذا من الشيء، والتيمم ليس مأخوذا من الوضوء، بل بدلا عنه، فلا يمتنع أخذ حكم المبدل من حكم بدله، ولأنَّه إذا افتقر التيمم إلى النية مع أنه خفيف إذ هو في بعض أعضاء الوضوء فالوضوء أولى (٣).

وهناك إشكال آخر أقوى من سابقه، قالوا: هذا قياس فاسد، لأن شرعية التيمم متأخرة عن شرعية الوضوء، وقد علم في الأصول أن من شرط القياس ألّا تكون شرعية حكم الأصل متأخرة عن حكم الفرع، وإلا لثبت حكم الفرع بلا دليل، إلاّ أن للمخالف أن يقول: إننا لا نقصد القياس هنا، بل الاستدلال بنفي الفارق، فنقول: لما شرع التيمم بشرط النيّة -ظهر وجوبها في الوضوء فهو بمعنى لا فارق" (٤).

جواب ثان: أنّ قياس الوضوء على التيمم هنا ليس لمعرفة حكم النية في


(١) صحيح البخاري.
(٢) المجموع (١/ ٢٦٤).
(٣) المصدر السابق.
(٤) فتح القدير (١/ ٢١).

<<  <   >  >>