للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالشيطان كما يقول ابن القيم: "يسحر العقل حتى يكيده، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله، فيزيّن له الفعل الذي يضره، حتى يخيل إليه أنَّه من أنفع الأشياء، وينفر من الفعل الذي هو أنفع الأشياء، حتى يخيّل إليه أنَّه يضرّه. فلا إله إلاّ الله، كم فتن بهذا السحر من إنسان، وكم حال بين القلب وبين الإيمان والإسلام والإِحسان، وكم جَلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة، وشنَّع الحقَّ وأخرجه في صورة مستهجنة! وكم بهرج من الزيوف على الناقدين! وكم روّج من الزغل على العارفين! فهو الذي سحر العقول حتى ألقى أربابها في الأهواء المختلفة والآراء المتشعبة، وسلك بهم من سبل الضلال كل مسلك .... " (١).

الثالث: والجهة الثالثة التي تؤثّر في القلب بوارداتها -كما يرى المحاسبي- النفس، فالنَّفس أمارة بالسّوء، تدعو إلى الطغيان وتأمر بالشرّ: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} (٢). وقال نبي الله يعقوب لأبنائه عندما زعموا أن الذئب أكل يوسف: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} (٣).

وقال تعالى في حقّ ابن آدم الذي قتل أخاه: {فَطَوّعَتْ لَهُ نفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} (٤).

ومركب النفس الأمارة بالسوء الهوى والشهوات، فالمسلم لا ينجو إلاّ بمجاهدة الهوى ومصارعته.

فهذه الثلاثة ترد على القلب، فيحتاج العبد أن يكون يقظًا دائمًا، يردع نفسه عن هواها، ويكبح زمام النفس الأمّارة بالسوء، ويعدّ العدّة دائما لمحاربة عدوه: الشيطان، ومصارعته بالأسلحة التي عرَّفه الله بها، من الذكر والتلاوة والعبادة ونحو ذلك.


(١) إغاثة اللهفان ١/ ١٣٠.
(٢) سورة يوسف / ٥٣.
(٣) سورة يوسف / ١٨.
(٤) سورة المائدة / ٣٠.

<<  <   >  >>