للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو وحده المطلوب المقصود، لأنَّه الخالق الهادي المطعم المسقي، الذي يشفي من الأمراض، والذي يغفر الذنوب والخطايا: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} (١).

فمنه المبتدأ وإليه المنتهى، له الحمد في الأولى والآخرة، لا ربَّ غيره، ولا معبود سواه: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (٤٩) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} (٢).

فمن كانت هذه صفاته، وتلك أفعاله- فإنه الذي يستحق العبادة دون سواه، وهو الذي ينبغي أن يكون المقصد والمعاذ والملاذ.

والتوجه إليه وقصده بالعبادة حقه الخالص الذي لا يشركه فيه أحد، فعن معاذ ابن جبل، قال: "كنت رديف النبي -صلى الله عليه وسلم- على حمار، فقال لي: "يا معاذ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الله عَلَى الْعبَاد، وَمَا حَقُّ الْعِباد عَلَى الله؟ " فقلت: الله ورسوله أعلم.

قال: "حَقُّ الله عَلَى الْعِبَاد أَنْ يَعْبُدوهُ، وَلَا تشْرِكوا بِه شَيْئًا، وَحَقُّ العِبَادِ عَلَى الله أَلا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يشْرك بِهِ شَيْئًَا .. " (٣).

فهو الذي يستحقُّ العبادة خوفا ورجاء، ورغبة ورهبة، وتوكّلا واعتمادا، وصلاة وصياما، وزكاة وحجّا، ونذرا ودعاء ...

هو المستحق لذلك لذاته -سبحانه - ولو لم يخلق جنّة ولا نارا، ولم يضع ثوابا ولا عقابا، كما جاء في الأثر: "لوْ لَمْ أخْلُقْ جَنَّة وَلَا نَارًا أَمَا كُنْتُ أَهْلاً أنْ


(١) سورة الشعراء/ ٧٨ - ٨٢.
(٢) سورة النجم/ ٤٢ - ٥١.
(٣) متفق عليه (مشكاة المصابيح ١/ ١٤).

<<  <   >  >>