للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفهومات خاطئة للإخلاص (١)

من المعضلات التي واجهت البشر في القديم والحديث أنهم لا يدورون مع الحق حيث دار، بل يجنحون إلى الإفراط أو التفريط، فنجد أقواما يؤلهون عيسى، وآخرين يلعنونه. ونجد أقواما كالشيوعيين يحرمون الفرد حريته، وآخرين يتمادون في إعطائه الحرية بلا قيود كالرأسماليين، وجاء الإسلام بالمنهج الوسط، وكانت هذه الأمة أمة وسطا: {وَكَذَلِكَ جعَلْنَاكمْ أمةً وَسَطًا} (٢) والوسط خير الأمور، فالفردوس أعلى الجنّة ووسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة كما ورد في الحديث.

وفي موضوع البحث غلا أقوام غُلوًا شديدًا في تعريف الإخلاص، حتى عدوا تحصيله ضربا من الخيال، ولو تفكرنا فيما وضعوه من مواصفات للإنسان المخلص لعسر علينا أن نجد مسلما يتحقق الإخلاص فيه.

ومهمتنا هنا أن نعيد الحق إلى نصابه، وأن نكشف الزيف الذي علق بهذا الموضوع الخطير الذي يعدُّ أصل الأصول، وغاية الغايات، وإلا فإن اليأس سيصيب السالكين إلى الله، وعند ذلك سيقعدون عن العمل، بل سيتوجهون إلى الأعمال المخالفة لمنهج الله.


(١) راجع في هذه المسألة ما كتبة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب العبودية، وفي ج ١٠ من مجموع الفتاوى.
(٢) سورة البقرة /١٤٣.

<<  <   >  >>