للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبدون ذلك لا يكون جهاده في سبيل الله- لأننا قررنا من قبل أن الثمرات والنتائج التي نجيز التطلع إليها هي التي أقرها الشارع ورضيها، والقتال بقصد هذه الأمور لم يرتضه الشارع.

نعم نتائج الأعمال المطلوبة والمقصودة للشارع قد تخفى علينا وقد لا ندركها خاصة في العبادات، ومن هنا قد نظن أمرا ما مقصودا للشارع فنطلبه مع أنه -في واقع الأمر- ليس بمطلوب ولا مقصود له.

وهذه نظرة وجيهة يجب أن يراعيها العابد، فلا يقصد إلاّ المصالح التي نص الشارع عليها، والمصالح التي استنبطناها من النصوص، لا تلك المصالح التي ارتضيناها بأهوائنا.

ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر بأن الشريعة لم توضع لطائفة من النّاس وإنما هي شريعة عامة، جعلت لعموم الناس، والناس أصناف شتى، ولذلك رغبهم في العمل بالشريعة بمرغبات مختلفة، كي تصبح مؤثرات ودواعي تحركهم إلى العمل وتدفعهم إليه. لننظر في هذه المرغبات التي يجلّيها نوح لقومه كي يحققوا مراد الله {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (١). ولننظر إلى موعود الله لهذه الأمة: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} (٢). ولننظر إلى وعد الله للأتقياء: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (٣)، {وَمَنْ يَتقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يسْرًا} (٤).


(١) سورة نوح /١٠ - ١٢.
(٢) سورة النور / ٥٥.
(٣) سورة الطلاق /٢ - ٣.
(٤) سورة الطلاق /٤.

<<  <   >  >>