المسلم نفسه شهوتها بإلزامها بالعبادة والطاعة حاولت أن تجد لذتها بسبيل آخر وهو التزين بالطاعة لتنال حمد الناس.
ولشدة ميل النفس إلى حمد النّاس وثنائهم فإن قصد الرياء يتلون في قلب الإِنسان، حتى يكاد يتوهم أنه مخلص، وهو في الحقيقة يرائي في عمله، وقد عدِّد الغزالي -رحمه الله- درجات الرياء من حيث الخفاء والجلاء، ورتبها ترتيبا تصاعديا (١).
وأول هذه المراتب وأجلاها أن يحسّن العبد من صلاته وعمله الصالح لما يرى من نظر الناس اليه، حتى ينظروا إليه بعين الوقار، ولا يزدرونه، فتخشع جوارحه لذلك، وتسكن أطرافه، وهذا هو الرياء الظاهر، وهو لا يخفى على المبتدئين.
والدرجة الثانية: أن يكون العبد قد علم الرياء الظاهر، فيأتيه الشيطان من زاوية أخرى يخدعه، كأن يدعوه إلى إحسان الصلاة، وإطالتها، لأنه مقتدى به متبوع، ولذا ينبغي أن يحسن صلاته كي ينال أجر الذين ينتفعون ويقتدون به، وهذا في بعض الأحيان خدعة كي تنال النفس لذتها وتصل إلى مطلوبها، وما هذا التعليل إلا إمرار للباطل في صورة الحق كيلا يرفضه الإنسان.
الدرجة الثالثة: إذا تنبه المسلم إلى أن هذا الذي ذكر في الدرجة الثانية رياء، فإنَّ الشيطان قد يدعوه إلى الخشوع في السر وإطالة الصلاة، حتى لا تكون عبادته في السر غيرها في العلانية.
والدرجة الرابعة: وهي أخفاها، وهي تحدث ممن خبر المراتب الثلاثة السابقة، فعند ذلك لا يستطيع أن يأتيه الشيطان منها، ولذا فإن الشيطان يدعوه إلى الخشوع في الصلاة -مثلا- عندما يكون بين الناس، ويقول له تفكر في عظمة الله، واستح أن ينظر إلى قلبك وهو غافل عنه، وعند ذلك يخشع القلب، وإنما كان هذا من الرياء الخفي، لأن هذا العابد لا يخشع مثل هذا الخشوع لو صلى وحده بعيدا