للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الروح من الجسد، ومحال أن يعتبر في العبودية عمل لا روح له معه، بل هو بمنزلة الجسد الخراب" (١).

والحق الذي يشهد له الكتاب والسنة أن المأمور بالتكاليف الشرعة هو النفس الإنسانية، وما الجسد إلاّ آلة لها، فإذا كانت فاقدة للعمل الذي أمرت به -وهو الإخلاص والنية- كان العمل الذي يقوم به البدن ضربًا من العبث والضلال.

سادسًا: القصود تميّز العبادات عن العادات، كما تميز رتب العبادات:

فمن تمييزها العبادات عن العادات: (٢)

١ - الغسل: فإنه مردد بين ما يفعل قربة إلى الله، كالغسل من الأحداث، وما يفعل لأغراض العباد: من التبرد، والتنظيف، والاستحمام، والمداواة، وإزالة الأوضار والأقذار، فلماّ تردّد بين هذه المقاصد وجب تمييز ما يفعل لرب الأرباب، عما يفعل لأغراض العباد.

٢ - دفع الأموال مردّد بين أن يفعل هبة، أو هديّة، أو عطيّة، وبين أن يفعل قربة إلى الله، كالزكاة، والصدقات، والكفارات.

فلما تردّد بين هذه الأغراض وجب أن تميز نية ما يفعل لله عما يفعل لغير الله.

٣ - الإمساك عن المفطرات: تارة يفعل لغرض الإمساك عن المفطرات، وتارة يفعل قربة إلى رب الأرض والسموات، فوجب فيه النية، لتصرفه عن أغراض العباد إلى التقرب إلى المعبود.

٤ - حضور المساجد: قد يكون للراحات، أو الصلوات، والقربة بالحضور فيها زيارة للرب سبحانه وتعالى. لما تردد بين هذه الجهات وجب أن يميز الحضور في المسجد زيارة للرب -سبحانه وتعالى- عما يفعل لغير ذلك من الأغراض.


(١) إحكام الأحكام لابن حزم (٢/ ٧٠٦ - ٧٠٧).
(٢) راجع في هذا الموضوع قواعد الأحكام (١/ ٢٠٧)، والأشباه والنظائر للسيوطي (ص ١٢)، والذخيرة (١/ ٢٣٦)، والحطاب على خليل (١/ ٢٣٤).

<<  <   >  >>