للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المجاهدين، ما دام الضَّرر قاهرا، والنية مستقرة في القلوب (١).

فإذا صدقت النيّات من العباد، وحالت دون القيام بالعمل المراد الحوائل. فإن صاحب النية يعدّ في عداد العاملين، وما أحسن قول القائل: (٢)

يَا رَاحليِنَ إلى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَقَدْ ... سِرْتُمْ جُسوماً وَسِرنَا نَحْنُ أَرْواحا

إِنَّا أَقَمْنَا عَلَى عُذْر وَعَنْ قَدَرٍ ... وَمَنْ أَقَامَ عَلَى عُذرٍ فَقَدْ رَاحَا

وقد مضى ذكر الحديث الذي يخبر فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- "أنَّ الدنيا لأربعة نفر"، وفيه أن الذي لا يملك المال ثم يتمنى أن يكون كفلان الغني كي ينفق ويتصدّق مثله فإنّه يستوي مع الغني المنفق في الأجر والثواب، قال فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "فهما في الأجر سواء"، وقال في الفقير الذي يريد مثل مال الغني الجائر الظالم الذي ينفق المال في الذنوب والمعاصي، ليفعل مثل فعله- قال فيه: "هما في الوزر سواء" (٣).

والعبد الذي ينوي استدامة عبادة من العبادات كصلاة الليل، أو صيام أيام من كل شهر أو من كل أسبوع، ثم يغلبه على هذه العبادة أمر ما، كأن يغلبه النوم، أو يشغله السفر أو المرض، يكتب له ما كان يعمله، فعن عائشة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من امرىء تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم، إلاّ كتب له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه" (٤).


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٦٧).
(٢) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٦٨).
(٣) رواه الترمذي فى سننه (كتاب الزهد: ١٧).
ورواه ابن ماجه في سننه: كتاب الزهد، باب النية (٢/ ١٤١٣)، وأحمد في مسنده (٤/ ٢٣٠، ٢٣١).
(٤) رواه النسائي في السنن: كتاب قيام الليل، باب من كان له صلاة بالليل فغلبه عليها نوم (٣/ ٢٥٧)، ورواه مالك في موطئه: كتاب صلاة الليل، باب ما جاء في صلاة الليل (ص ٩٣)، وأبو داود في سننه: كتاب صلاة التطوع، باب من نوى القيام فنام (٢/ ٤٧).

<<  <   >  >>