للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أول كلّ باب منه بحديث "إنما الأعمال" (١)، وأوصى -رحمه الله- بذلك، فقال: "مَنْ أراد أن يصنّف كتابا فليبدأ بهذا الحديث" (٢).

وقد تناقل العلماء وصية هذا العالم الجليل مقرين لها، وآخذين بها، وداعين إخوانهم إلى تطبيقها والالتزام بها.

ومما يشهد لذلك أنَّ عمر بن الخطاب خطب بهذا الحديث على المنبر في المدينة (٣)، وذكر المناوي: أن الخلفاء الأربعة خطوا به على المنابر (٤)، فلما صلح أن يخطبوا به على المنابر، صلح أن يجعل في خطب الدفاتر.

وقد ذكر العيني (٥) أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطب بهذا الحديث بعد هجرته وقدومه المدينة، أما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطب به فيومىء إليه إحدى روايات الحديث سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يا أيها الناس: "إنما الأعمال بالنية" (٦)، ففي هذه إشارة إلى أنَّه كان حال الخطبة.

أما أنَّ الحديث كان عند قدومه المدينة فلا يوجد ما يدلّ عليه كما يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني (٧).

إلاّ أن السيوطي ذكر أنه وقع على رواية مصرحة بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قاله عقب وصوله المدينة، أوردها الزبير بن بكار في أخبار المدينة (٨).


(١) المجموع (١/ ٢٨)، (العيني على البخاري (١/ ٢٢) منتهى الآمال (٥/ ب).
(٢) نقل هذا القول عنه البخاري والترمذي، انظر العدة (١/ ٦٢)، وانظر المصادر السابقة.
(٣) رواه البخاري عن علقمة بن وقاص الليثي، قال سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يقول. فذكره.
(٤) فيض القدير (١/ ٢٩)، ولكنه لم يذكر مصدرا معتمدا يصدق ما أورده، ويرد قوله أن المحدثين قد أجمعوا على أن الحديث لم يروه غير عمر بن الخطاب عن الرسول -صلى الله عليه وسلم - فيما وصل إلينا بطريق صحيح.
(٥) العيني على البخاري (١/ ١٧).
(٦) رواه البخاري في صحيحه في باب ترك الحيل.
(٧) فتح الباري (١/ ١٠).
(٨) الرواية التي أوردها الزبير بن بكار، وذكرها السيوطي غير صحيحة، لما سبق بيانه أن هذا الحديث لم يروه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم - فيما وصل إلينا بإسناد صحيح إلا عمر بن الخطاب، وسيأتي تحقيق ذلك.

<<  <   >  >>