للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو صح أن التضاد قديم في اللغة وأنه ثابت في أصل الوضع، لفسد هذا الوضع ولبطلت حكمته؛ ثم لا بد أن يكون من أثر ذلك شيء كثير في منقول اللغة؛ وهو خلاف الواقع؛ حتى إن العلماء كانوا يتميزون من هذا النوع بمعرفة ألفاظ معدودة، كالألفاظ التي عقد لها أبو عبيدة في "الغريب المصنف" باب الأضداد، وهي أربعون لفظة، وهذا ابن الأنباري المتوفى سنة ٣٢٨هـ وهو من أوسع الناس حفظًا للغة، قد ألف كتاب "الأضداد" الذي قالوا إنه لم يؤلف في الأضداد أكبر منه، وذكر في مقدمته أنه نظر في الكتب التي أحصيت فيها الحروف المتضادة، فوجد كل واحد من أصحابها أتى من الحروف بجزء وأسقط جزءًا، فجمعها في كتابه "ليستغني الناظر فيه عن الكتب القديمة المؤلفة في مثل معناه؛ إذ اشتمل على جميع ما فيها"؛ ومع ذلك لم يشتمل كتابه إلا على قريب من ٣٠٠ حرف لا يتحقق التضاد في نصفها، والباقي متجوز به ومتوسع فيه.

أما الألفاظ التي رويت من هذا الباب ونسبوها لقبائل مسماة، فقد حرصنا على جمعها اتباعًا لطريقتنا التي نحوناها في هذا التاريخ؛ لأنا نرى في مثل ذلك أشباحًا للمعاني التاريخية التي ذهبت في آفاقها، والشبح إن لم يفصل معاني جسمه، ولم يضبط أجزاءه، فلا أقل من أن يعين موقعه ويظهر منه صورة مبهمة، وذلك فتح عظيم في مثل هذا التاريخ المستغلق بابه، المضروب على الغيب حجابه، وتلك الألفاظ هي:

الرجاء: يستعمل بمعنى الشك، والطمع، واليقين، وكنانة وخزاعة ونصر وهذيل يقولون: لم أرج، ويريدون لم أبال.

وبنو عقيل تقول: لَمَقْت الكتاب ألمقه لموقًا ولمقًا، إذا كتبته؛ وسائر قيس يقولون: لمقته لموقًا إذا محوته.

والسامد في كلام أهل اليمن: اللاهي، وفي كلام طيئ: الحزين.

يقال: شريت إذا ابتعت، ولكنها بمعنى "بعت" لغة الغاضرة.

والسدفة يذهب بنو تميم إلى أنها الظلمة، وقيس يذهبون إلى أنها الضوء.

حاب الرجل فهو حائب، إذا أثم، والحائب في لغة بني أسد القائل.

المعصر في لغة قيس وأسد: التي دنت من الحيض. وفي لغة الأزد: التي ولدت، أو تعنست١.

يقال: عين، للخلق كالقربة التي تهيأت مواضع منها للتثقب، وطيئ تقول عين للجديد.

المقور في لغة الهلاليين: السمين، وفي لغة غيرهم: المهزول.

الساجد: المنحني، عن بعض العرب؛ وهو في لغط طيئ: المنتصب.

القلت في كلام أهل الحجاز: نقرة في الجبل يجتمع فيها الماء فيغرق فيها الجمل والفيل لو سقط فيها، وهي في لغة تميم وغيرهم نقرة صغيرة في الجبل يجتمع فيها الماء.


١ العانس: التي طالب مكثها في أهلها بعد إدراكها حتى خرجت من عداد الأبكار ولم تتزوج قط.

<<  <  ج: ص:  >  >>