للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رزقه بمعنى أناله، ولكنها في لغة الأزد بمعنى شكره.

وهذا كل ما أمكن العثور عليه في كتب اللغة وغيرها؛ وهو متمم لما استقصيناه من لغات العرب.

الدخيل:

وهو ألفاظ داخلت لغات العرب من كلام الأمم التي خالطتها فتفوهت بها العرب على منهاجها لتدل في العبارة بها على ما ليس من مألوفها، وتجعل منها سبيلًا إلى ما يجد من معاني الحياة؛ لأن أرضهم وديارهم لم تكن الأرض كلها فتنحصر أفلاذها ونتائجها بين أيديهم حتى يتعين عليهم أن يضعوا لكل شيء ضريبه من اللفظ ونديده من التعبير؛ والعجيب أن طبيعة أرضهم ظاهرة التأثير فيما أعربوه، فهم لم يعدوا به حد الضرورة، ولا تجاوزوا مقدار الحاجة الماسة، مما جعل هذا النوع في لغتهم قليل النماء بادي الإمحال.

بل الدخيل في لغة العرب يكاد يكون صورة جغرافية لما عرفوه مما خرج عن حدود جزيرتهم، وقد كان شعراؤهم وتجرهم وأهل الأسفار منهم يحملون إليهم التواريخ والأحاديث كما يحملون عروض التجارة من مصر والحبشة وفارس والهند والروم، فيدخل من ذلك في عادتهم وشعائرهم ويلحقون ألفاظه بلغتهم، سواء منها ما جعلوه على أبنيتهم وما لم يجعلوه؛ لأن قواعد اللغة يومئذ لم تكن كما هي اليوم في حركات الأقلام، ولكنها كانت في حركات الألسنة. وبالجملة فإنهم لم يتناولوا اسمًا من أسماء الأجناس أو الأعلام إلا غيروه متى كان فيه ما ليس من حروفهم، وربما عادوا فغيروا في الحروف العربية أيضًا وتصرفوا في الكلمة بالحذف والزيادة، مبالغة في تحقيق الجنسية اللغوية؛ أما إن كانت حروف الاسم الأعجمي من جنس حروفهم فقد يتركونه على حاله، نحو: خراسان؛ إذ ليس في أبنيتهم فعالان، وحُزّم، وألحقوه ببناء سُلم.

فموضع التصرف كما رأيت إنما هو في حروف الكلمة حتى تخرج على وجه من الوجوه العربية الفطرية التي يراعى فيها غير الخفة والثقل، وليس غير الحرف اللفظي ما يغمز من مواضع الإحسان من ألسنتهم، كما فصلناه في بابه؛ ولهذا قال أئمة العربية: تعرف عجمة الاسم بوجوه:

١- النقل، بأن ينقل ذلك أحد أئمة العربية.

٢- خروجه عن أوزان الأسماء العربية، نحو إبريسم؛ فإن مثل هذا الوزن مفقود في أبنية الأسماء في اللسان العربي.

٣- أن يكون أوله نون ثم راء، نحو: نرجس؛ فإن ذلك لا يكون في كلمة عربية.

٤- أن يكون آخره زاي بعد دال، نحو: منهدز؛ فإن ذلك لا يكون في كلمة عربية.

٥- أن يجتمع فيه الصاد والجيم١ نحو الصولجان والجص.


١ قال الأزهري في التهذيب متعقبًا على هذا القول: الصاد والجيم مستعملان ومنه جصص الجرو، إذا فتح عينيه، وجصص فلان إناءه، إذا ملأه، والصج ضرب الحديد بالحديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>