للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما ننبه عليه أن العربية الفصحى مدنية معنوية لم تبرح قائمة على تحرير هذه اللهجات العامية وتهذيبها كلما خالطتها في التعليم والقراءة -فإن ميراث العامة إنما يثبت في الأميين- واعتبر ذلك في البلاد التي تفتح فيها المدارس وتنشر الصحف وتبث المؤلفات؛ فإنك ترى عامية أهلها تتفصح على نسبة مطردة بما يلين من حواشيها ويرق من جوانبها ويستأنس من غريبها؛ وهذا هو السبب في رقة لهجات الحواضر لعهدنا دون ما يجاورها من القرى، ثم في تفاوت لهجات بعض القرى الكبيرة، ثم في اخلاتف اللهجة في أهل القرية الواحدة؛ حتى لقد تجد لهجة الرجل أرق وأعذب من لجهة زوجه وأولاده، ثم تجد مذهبه من ذلك غير مذهب جاره وصاحبه؛ ولا يكون السبب في هذا التفاوت غير صحيفة يقرؤها كل يوم، فقد بدءوا يرجعون إلى شأن "عامة التاريخ" يوم كان الفصيح منتشرا وأسباب البيان متوفرة ومجالس العلم آهلة وحلقات الدروس حافلة، وهكذا يعيد التاريخ نفسه بما تقضي به سنة الله، وإلى الله ترجع الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>