٢ في تاريخ الإسلام نظائر كثيرة لمثل هذا الخبر، وكلها قد وثقه العلماء، فالشافعي رضي الله عنه أخذ من أبي يوسف ليلة كتابًا كبيرًا لأبي حنيفة، فما أصبح حتى أتى عليه حفظًا، وأبو الطيب المتنبي حفظ وهو غلام كتابًا للأصمعي نحو ثلاثين ورقة، أخذه لينظر فيه من يد رجل يريد بيعه في الوراقين والرجل واقف ينتظر فلم يكن إلا مقدار ما قرأه حتى وعاه حفظًا. وكان أبو العباس ثعلب إمام الكوفيين المتوفى سنة ٢٩١هـ يحفظ كتب الفراء كلها لا يشذ منها عن حفظه حرف، والفراء أملى هذه الكتب كلها من حفظه إلا بعض أوراق استعان فيها بالمراجعة وكانت مقدار ثلاثة آلاف ورقة. وكان ابن عبدون الوزير الأندلسي يحفظ كتاب "الأغاني" بحروفه ما يخطئ منه واوًا ولا فاء، وفي ذلك خبر عجيب رواه المراكشي صاحب "المعجب". وكان أبو الحسن الروياني الفقيه المتوفى سنة ٥٠٢هـ يقول لو احترقت كتب الشافعي لأمليتها من خاطري! وأمثلة ذلك كثيرة.