ومقتضى هذه الرواية أن اللحن كان فاشيًا لذلك العهد حتى صار الإعراب الجيد يبين أهله، وأن العربية "النحو" كانت مقررة يومئذ، أي: قبل سنة ٣٢ للهجرة، ولكن يبقى من الإشكال قول ابن قتيبة إن ابن حبيش كان أعرب الناس، وذلك في زمن كان فيه علي بن أبي طالب وابن عباس وأبو الأسود وغيرهم من الصحابة وسائر العرب، وإن ابن مسعود كان يرجع إليه دولة أبي الأسود نفسه، وذلك غريب إن لم يكن منكرًا. والذي عندنا أن في رواية ابن قتيبة تحريفًا، وأن الذي كان يرجع إلى ابن حبيش هو عبيد الله بن مسعود، أحد السبعة المدنيين الذين أخذ عنهم الفقه، وهو من أجلة التابعين، كان مشهورًا بكثرة العلم وفنونه، وتوفي سنة ١٠٢هـ، وهو ولد ابن أخي عبد الله بن مسعود الصحابي، وبذلك ينحل الإشكال، والله أعلم. أما تاريخ وضع النحو فلا سبيل إلى تحقيقه ألبتة. ٢ قال الجاحظ: أبو الأسود الدؤلي معدود في طبقات من الناس، وهو في كلها مقدم ومأثور عنه الفضل في جميعها: كان معدودًا في التابعين، والفقهاء، والشعراء، والمحدثين، والأشراف، والفرسان، والأمراء، والدهاة، والنحويين، والحاضري الجواب، والشيعة، والبخلاء، والصلع الأشراف، والبخر الأشراف.