ولسنا ننكر أن هذا التأويل قد يكون بعيدًا بدقائقه عن متناول أذهان العرب، ولا أن فيه شيئًا من الكد، ولكنه على كل حال قريب ممن ورثوا العرب في لغتهم وقصروا عنهم في فهم حقائق الإعجاز بتقصير الفطرة فيهم، ثم لا بد أن يكون العرب قد فهموا الحديث على نحو مما يؤديه تفسيرنا الذي ذهبنا إليه، إذ لا يعرفون من الحرف وظهره وبطنه؛ والحد والمطلع غير الصفات التي تتعلق باللغة، ولأمر ما كان كلام النبوة خالدًا كأنه قيل في كل عصر لأهله وقبيله, وكأن هذا الزمان إنما هو شاهد يجيء بالبينة على صحة تأويله.
ولو أن هذا الحديث قد جاء تأويله نص على النبي صلى الله عليه وسلم يعين المراد منه، لما اختلفت أقوال العلماء فيه، وما داموا قد اختلفوا فدعنا نختلف معهم ونأخذ بالأشبه والأمثل مما يوافق القرآن نفسه، وقد أنزله الله الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم: فإن ذهبت مذهبنا؛ وإلا فخذ مما أحببت أو دع!.