بها الكتب، ولكان من جهلة الملوك والأمراء، وأشباههم ممن تتابعوا في التاريخ العربي, من يضطلع من ذلك بعمل، إن لم يكن مفسدة فمصلحة يزعمها، كالذي فعله بعض ملوك الرومان وبعض شعرائهم في تدوين العامية من اللاتينية، حتى خرج منها اللسان الطلياني، وكما فعل اليونان في استخراج اللسان الرومي، وهو العامي من اليونانية. ولولا أن أحدًا استقبل من ذلك شيئًا وأراد أن يحمل الناس عليه لاستقبل أمرًا بعض ما فيه العنت كله والضياع بجملته، ولشق على نفسه في بلوغا إرادة لها من شعور كل نفس عدو، حتى يستفرغ ما عنده وكأنه لما يبدأ مع الناس في بدء؛ لأن له مدة نفسه وحدها١ وللناس عمر التاريخ كله؛ ومتى لم يقع على فرق ما بين الاثنين، وأراد أن يتولى عمل التاريخ، فليس بدعًا أن يجعله التاريخ بعض عمله؛ {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .
١ أو كما قلنا في بعض مقالاتنا، إن لهذه الفئة قبورًا بعددهم وهي تنتظرهم.